فالترخيص في مخالفتها لحفظ غرض أهمّ على فرض المطابقة للواقع ليس ترخيصاً في المعصية ; لعدم العلم بالحكم ، بل هو ترخيص في مخالفة الأمارة وإجازة في مخالفة الحجّة . فما يدّعى من الامتناع والاستقباح غير آت في المقام .
وأمّا توهّم المانع من ناحية الخطابات الأوّلية واستلزام ذلك الترخيص تقييداً أو تخصيصاً في أدلّة الواقعية فقد مرّ توضيحه ودفعه .
والحاصل : أنّي لا أظنّ بقاء المجال للتشكيك في إمكان الترخيص ـ حتّى بالنسبة إلى جميع الأطراف ـ بعد تصوّر محطّ البحث ; لعدم لزوم شيء ممّا ذكر ، كلزوم الإذن في المعصية ; ضرورة أنّ الإذن في مخالفة الأمارة لا يلازم الإذن في المعصية ، بل قد يلزم منه الإذن في مخالفة الواقع ولا إشكال فيه ; لجواز رفع اليد عن الواقع لأجل تزاحم جهات أهمّ منه .
وإن شئت فاعطف نظرك إلى أشباهه ونظائره ; فإنّ الشكّ بعد تجاوز المحلّ أو خروج الوقت لا يترتّب عليه الأثر مع إمكان كون المضي موجباً لتفويت الواقع ، ومثله الإذن بالعمل بالاستصحاب أو إيجاب العمل به ; فإنّ الترخيص والإذن والأمر في هاتيك الموارد يكشف عن عدم فعلية الأحكام الواقعية ; بمعنى رفع اليد عنها للمزاحم الأقوى ، من غير تقييد لها أو تخصيص .
فلو فرغنا عن دلالة الأدلّة المرخّصة إثباتاً ، ولم يكن محذور في مقام الاستفادة عن الأخذ بمفادها فلا نتصوّر مانعاً في المقام .
فما ربّما يتراءى في كلمات الأعاظم من تصوّر المحاذير الثبوتية ; من أنّ الترخيص في جميع الأطراف مستلزم للإذن في المعصية وهو قبيح عقلاً[ 1 ] ، أو أنّ
[1] فوائد الاُصول (تقريرات المحقّق النائيني) الكاظمي 4 : 17 ، نهاية الأفكار 3 : 307 ـ 308.