الثاني ، وأ مّا نفس الطبيعة فلا يعقل تعلّق الأمر بها ; لأ نّها من حيث هي ليست إلاّ هي ; لا تكون مطلوبة ولا مأموراً بها ، فلابدّ أن تؤخذ الطبيعة بما هي مرآة للخارج باللحاظ التصوّري حتّى يمكن تعلّق الأمر بها[ 1 ] ، انتهى .
ولكن هذا ناش من الغفلة عن معنى قولهم : الماهية من حيث هي ليست إلاّ هي ; ولهذا زعم أنّ الماهية لا يمكن أن يتعلّق بها أمر .
وتوضيح ذلك : أنّ الماهية مرتبة ذات الشيء ، والأشياء كلّها ـ عدا ذات الشيء ـ منتفية عن مرتبة ذاته ، ولا يكون شيء منها عيناً لها ولا جزءً مقوّماً منها ; و إن كان كلّ ما ذكر يلحق بها ، ولكنّه خارج من ذاتها وذاتياتها ، وهذا لا ينافي لحوق شيء بها .
فالماهية وإن كانت من حيث هي ليست إلاّ هي ـ أي في مرتبة ذاتها لا تكون إلاّ نفس ذاتها ـ لكن تلحقها الوحدة والكثرة والوجود وغيرها من خارج ذاتها ، وكلّ ما يلحقها ليس عين ذاتها ولا ذاتياً لها بالمعنى المصطلح في باب إيساغوجي .
فالأمر إنّما يتعلّق بنفس الطبيعة من غير لحاظها متّحدة مع الخارج ، بل لمّا رأى المولى أنّ الماهية في الخارج منشأ الآثار ، من غير توجّه نوعاً إلى كون الآثار لوجودها أو لنفسها في الخارج فلا محالة يبعث المأمور إلى إيجادها وجعلها خارجية ، والمولى يرى أ نّها معدومة ويريد بالأمر إخراجها من العدم إلى الوجود بوسيلة المكلّف .
فلحاظ الاتّحاد التصوّري مع القطع بالخلاف تصديقاً ـ مع كونه لا محصّل له في نفسه ـ لا يفيد شيئاً . ومع الغفلة عن القطع بالخلاف مناف لتعلّق الأمر وتحريك