ما قدّمناه في نفي دلالة الأمر على المرّة والتكرار جار بعينه في عدم دلالته على الفور والتراخي ، بل لامحيص عن إخراج كلّ قيد ـ من زمان أو مكان أو غيرهما ـ عن مدلوله ممّا لايدلّ عليه الأمر ، لا بهيئته ولا بمادّته ، فلا نطيل بالإعادة .
نعم ، تشبّث جماعة من الأعاظم في إثبات الدلالة على الفور باُمور خارجة من صيغة الأمر :
منهم شيخنا العلاّمة في الدورة الأخيرة ، كما أسمعناك من مقايسة الأوامر بالعلل التكوينية في اقتضائها عدم انفكاك معاليلها عنها ، وعليه جرى في قضاء الفوائت في كتاب الصلاة ; حيث قال :
إنّ الأمر المتعلّق بموضوع خاصّ غير مقيّد بزمان وإن لم يكن ظاهراً في الفور ولا في التراخي ولكن لايمكن التمسّك به للتراخي بواسطة الإطلاق ، ولا التمسّك بالبراءة العقلية لنفي الفورية ; لأ نّه يمكن أن يقال : إنّ الفورية وإن كان غير ملحوظة قيداً في المتعلّق إلاّ أ نّها من لوازم الأمر المتعلّق به ; فإنّ الأمر تحريك إلى العمل وعلّة تشريعية ، وكما أنّ العلّة التكوينية لا تنفكّ عن معلولها في الخارج ، كذلك العلّة التشريعية تقتضي عدم انفكاكها عن معلولها في الخارج ; وإن لم يلاحظ الآمر ترتّبه على العلّة في الخارج قيداً[ 1 ] ، انتهى .