الرواية الثانية والثالثة من نفس الباب .

و تقريب الاستدلال : ان هذه الروايات تدل على اعتبار نية القربة فى جميع الاعمال بشهادة عموم التعبير ب (( الاعمال]( فى الرواية الاولى , والنكرة فى سياق النفى فى الرواية الاولى , فلابد من قصد القربة فى جميع الاعمال الا ما خرج بالدليل .

والجواب عنه اولا انه لا دليل على كون المراد من النية فى هذه الروايات نية القربة بل لعلها نية عنوان العمل بالنسبة الى العناوين القصدية حيث ان كثيرا ما يكون لعمل واحد عناوين عديدة و وجوه متفاوتة يتميز كل واحد منها عن غيرها بالنية فمثلا اذا اعطى زيد درهما امكن ان يكون من باب الامانة او الهبة او الخمس او الزكاة او اداء الدين اورد المظالم او القبض , ولكنه تتميز و تتعين بالقصد والنية .

و ان شئت قلت : لا بد فى الرواية من تقدير يدور امره بين الا حتمالين : احتمال ان يكون المقدر الصحة , اى انما صحة الاعمال بالنيات , واحتمال ان يكون المقدر الاجر والثواب , اى انما اجر الاعمال بالنيات , فعلى الاول يثبت مطلوب الخصم اى اعتبار قصد القربة فى جميع الاعمال كما لا يخفى , و اما على الثانى فيكون معنى الرواية ان ترتب الثواب على الاعمال مشروط بقصد القربة فازالة النجاسة عن المسجد يترتب عليها الثواب اذا تحققت بنية القربة لا ان صحتها تتوقف عليها , و انى هذا بتعبدية جميع الاعمال , و هذا الاحتمال الثانى هو المتعين فى تفسير الرواية بقرينة ما ورد فى ذيل الرواية الثانية من قوله ( ع ) :( ولكل امرء مانوى , فمن غزى ابتغاء ما عندالله فقد وقع اجره على الله عز وجل و من غزى يريد عرض الدنيا او نوى عقالا لم يكن له الا مانوى ) , والروايات يفسر بعضها بعضا .

و بعبارة اخرى : ان النزاع فى ما نحن فيه انما هو فى العبادة بالمعنى الاخص اى ما يشترط قصد القربة فى صحة العمل لا العبادة بالمعنى الاعم اى ما يعتبر فى ترتب الثواب عليه قصد القربة , ولا اشكال فى ان الجهاد من القسم الثانى , فلو كانت الرواية فى مقام اعتبار قصد القربة فى جميع الاعمال لزم خروج مورد الرواية عنها .

و يشهد لهذا التفسير للرواية ايضا ما رواه ابو عروة السلمى عن ابى عبدالله ( ع )