قوله تعالى (مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا ) [ ١٩ / ٢٩ ] كَانَ زائدة للتوكيد ، وكذا في قوله (وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً ) [ ٢٥ / ٧٠ ] أي هو غفور رحيم.
وكان في قوله (وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ ) [ ٢ / ٢٨٠ ] تامة وكذا في قوله (كُنْ فَيَكُونُ ) [ ٢ / ١١٧ ] أي احدث فيحدث.
قال في الكشاف :
وهذا مجاز من الكلام ، وتمثيل ، ولا قول ثم ، وإنما المعنى : أن ما قضاه من الأمور
فأراد كَوْنَهُ فإنما يَتَكَوَّنُ ، ويدخل تحت الوجود من غير امتناع ، ولا توقف ، كالمأمور المطيع الذي يؤمر فيمتثل
لا يتوقف ولا يمتنع ولا يَكُونُ منه الإباء.
قوله تعالى : (فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ ) [ ٦٣ / ١٠ ] بالجزم عطف على محل (فَأَصَّدَّقَ ) فإن محله الجزم بتقدير عدم دخول الفاء ، فكأنه قال : إن أخرتني أصدق ، فإن الفعل
ينجزم في جواب التحضيض لتضمنه معنى الطلب.
قوله (فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ ) [ ٤٠ / ٨٥ ] الآية أصله : يكون فلما دخل عليها ( لم ) جزمتها ، فالتقى ساكنان
فحذفت الواو ، فبقي لم يَكُنْ ، فلما كثر استعماله حذفوا النون تخفيفا ، فإذا تحرك أثبتوها
كقوله تعالى (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا ) [ ٩٨ / ١ ].
وأجاز يونس مع الحركة
حذفها ، وأنشد عليه شعرا :
إذا لم تَكُ الحاجات
من همم الفتى
فليس بمغن عنك
عقد الرقائم
قوله (فَمَا اسْتَكانُوا ) [ ٢٣ / ٧٦ ] أي خضعوا والِاسْتِكَانَةُ الخضوع وهي افتعل من السَّكِينَةُ[١] ، أشبعت حركة عينه.
[١] الاستكانة كالاستقامة
: مصدر باب الاستفعال ، فلو كانت من باب الافتعال لوجب في الماضي أن يكون بلا ألف :
« استكنوا » مثلا. وقوله : أشبعت حركة العين ، لا وجه له. ثم التاء في آخر المصدر دليل
على ذلك ، حيث إنها عوض عن العين