قال بعض
الشارحين المراد من الخلق خلق تقدير لا خلق تكوين.
ومحصل الكلام :
أن الله قدر أبدانا مخصوصة من الطينتين.
ثم كلف الأرواح
فظهر منها ما ظهر.
ثم قدر لكل روح
ما يليق بها من تلك الأبدان المقدرة.
قَوْلُهُ ثُمَّ
بَعَثَهُمْ فِي الظِّلَالِ أي في عالم الذر.
والتعبير بعالم
الذر وعالم المجردات واحد.
وإنما عبر عنه
بذلك لأنه شيء لا كالأشياء فكأنه لذمامته كالظلال المجرد شيء ليس بشيء ، وَفِي
الْحَدِيثِ « قُلْتُ وَمَا الظِّلَالُ؟ قَالَ أَلَمْ تَرَ إِلَى ظِلِّكَ فِي الشَّمْسِ شَيْءٌ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ ».
ولما لم تصل
أذهان أكثر الناس إلى إدراك الجواهر المجردة عبروا (ع) عن عالم المجردات بالظلال ليفهم
الناس قصدهم من ذلك أن موجودات ذلك العالم مجردة عن الكثافة الجسمانية كما أن الظل
مجرد عنها.
فهو شيء لا
كالأشياء المحسوسة الكثيفة وهذا نظير قَوْلِهِ فِي الْمَعْرِفَةِ « وَاللهُ شَيْءٌ
لَا كَالْأَشْيَاءِ الْمُمْكِنَةِ ».
وَفِي
الْحَدِيثِ « سُئِلَ الصادق عليه السلام كَيْفَ كُنْتُمْ فِي الْأَظِلَّةِ؟ قَالَ يَا مُفَضَّلُ : كُنَّا عِنْدَ رَبِّنَا فِي أَظِلَّةٍ خَضْرَاءَ نُسَبِّحُهُ » أي نور أخضر.