حيث إنّ الموافقة والمطابقة لا تتصوّر إلاّ بين شيئين ، فلا محالة لا يعقل أن تكون مجعولة ولو بالتبع ، بل تنتزع من المأتيّ به خارجا بالإضافة إلى المأمور به ، فهي من الأوصاف المجعولة بجعل الفعل تكوينا ، لا من أوصاف المأمور به ؛ كي تكون مجعولة بجعل الطلب تشريعا.
٢٢٨ ـ قوله [قدّس سرّه] : ( إلاّ أنّه ليس بأمر اعتباري ينتزع ، كما توهّم ... الخ ) [٣].
لا يخفى أنّ الصحّة ـ بمعنى إسقاط القضاء ـ إذا كانت من أوصاف الفعل ، فلا محالة تكون من الأمور الاعتبارية الانتزاعية ؛ إذ لا نعني بالأمر الانتزاعي إلاّ ما لا مطابق له بالذات ، بل كان له منشأ الانتزاع ، ومجرّد استقلال العقل بسقوط الأمر بالإعادة والقضاء لا ينافي انتزاعية المسقطية للأمر بهما عن الفعل ؛ إذ لا حكم مجعول من العقل ، بل شأن القوة العاقلة إدراك عدم الأمر بالإعادة وعدم الأمر بالقضاء بإدراك عدم الخلل الموجب لهما.
وهكذا الأمر في استحقاق المثوبة ، فإنّ الفعل متّصف بالسببية لاستحقاق المثوبة ، ومنشأ هذا الاتّصاف وإن كان بناء العقلاء على مدح الفاعل ، فيكون أصل الاستحقاق العقلائي مجعولا عقلائيا ، لكن سببية المأتيّ [ به ] لهذا الأمر المجعول مجعولة تبعية تكوينية قهرية [٤] ، لا أنها من اللوازم المجعولة حتى ببناء
[١] وذلك في التعليقة : ٢٤١ من هذا الجزء عند قوله : ( نعم حرمة الأثر ... ). [٢] كفاية الأصول : ١٨٣ / ١٦. [٣] كفاية الأصول : ١٨٣ / ٢١. [٤] في الأصل : مجعول تبعي تكويني قهري ..