حفظها نحر جزورا [
الدرّ المنثور ١ / ٢١ ، سيرة عمر لابن الوزي : ١٦٥ ] ، وهذا لا يتفق مع ما
قيل عن ملكة الحفظ عند العربي ، ولو صح هذا لما أتىٰ أصحاب الجرح والتعديل
بأسماء الذين خلطوا من الصحابة.
وقال الأستاذ يوسف العشي :
فذاكرة أكثر الناس أضعف من أن تتناول مادة العلم بأجمعه فتحفظها من الضياع
وتقيها من الشرود ، ومهما قويت عند أناس فلابد أن تهون عند آخرين فتخونهم
وتضعف معارفهم [ مقدمة تقييد العلم : ٨ ].
إذن ، ما قيل عن حافظة العربي
لا يتفق مع هذه الأقوال ، وخصوصاً حينما نقف على كلام الإمام علي عليهالسلام في نهج البلاغة وعند إشارته إلى أسباب اختلاف النقل عن رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : « ورجل سمع من رسول الله صلىاللهعليهوآله فلم يحمله على وجهه ووهم فيه ولم يتعمد كذباً ... ».
وأمّا الكُبرى ، فالملائكة هم
أكمل من بني الإنسان وأقدر منه على الحفظ ، فَلِمَ يكلفهم عزّوجلّ بالكتابة ويقول : (
كِرَامًا كَاتِبِينَ )
[ الانفطار : ١١ ] ؟ ولو كان للحفظ هذه المنزلة فلماذا لا نجد معشار
الآيات التي نزلت في الكتابة قد نزلت في الحفظ ؟ ولو كان الحفظ واجباً
لكانت الكتابة منهياً عنها ومحرمة ، فلماذا نراهم يدوّنون القرآن ولا
يدوّنون الحديث ؟ ولو صح هذا التعليل فلماذا يكون حكراً على العرب ؟ وكيف
يفعل الفرس والأتراك لو أرادوا التدوين ؟ ألم تكن الشريعة عامة للجميع ؟
وماذا نفعل بقوة الحافظة لو مات الصحابي الحافظ إن لم نسجل كلامه ؟! ألا
يعني هذا أن منع التدوين بدافع