النجاسة في غسالة الحمّام وطين الطريق ـ فالمناط هو الأصل ، ولا عبرة بالظنّ مطلقا ، وهذا هو العنوان المذكور في كلماتهم من تعارض الأصل والظاهر ، فإنّ الظاهر في الأحكام والألفاظ حجّة كما صرّح السلطان بذلك في حاشية المعالم [١] ، به يرتفع موضوع الأصل على القول بحجّيتها ، فلا يقاومه.
وما قد يرى في تقديم الظاهر على الأصل في بعض المقامات [٢] ، فإنّما هو لدلالة دليل عليه من إجماع أو سيرة أو أصل قطعي كأصالة حمل فعل المسلم على الصحّة ونحوها ، وذلك كما في حكمهم ببراءة ذمّة الزوج عن النفقة فيما لو ادّعت الزوجة مع إتلافها له في مدّة مديدة ، فإنّ الظاهر أنّ أصالة عدم الإنفاق إنّما تقدّم [٣] لأصالة حمل فعل المسلم على الصحّة ، وقد صرّح الشهيد في المسالك [٤] بأنّها من موارد تقديم الظاهر على الأصل مع اعترافه [٥] بكونها قليلة.
السادس ممّا ينبغي التنبيه عليه أنّه قد ذهب جماعة كثيرة بل قد ينسب إلى المشهور عدم حجّية الظنّ في مسائل أصول الفقه ، والحقّ حجّيته فيها وفاقا لجماعة من المحقّقين.
لنا ما تقدّم سابقا من أنّ العقل بعد الانسداد والقطع [٦] بالتكليف وعدم جواز الرجوع إلى الأصول التعبّدية يحكم حكما أوّليا بوجوب تفريغ الذمّة ، والخروج عن
[١] لم أجده فيه. [٢] انظر ايضاح القواعد ١ : ٤٣ ، ٣ : ١٢٢ ؛ الدروس ٢ : ٦٨ ، و ٣ : ٣٨٦ ؛ جامع المقاصد ١٢ : ٤٧٩ ؛ تمهيد القواعد : ٣٠٤ وما بعدها ؛ شرح اللمعة ٢ : ١١٣ ، و ٤ : ١٤٦ ، و ٥ : ١٢٨ و ٣٧٦ ؛ مسالك الأفهام ٤ : ٢٢٥ ، و ٦ : ١٩١ ؛ العقد الحسينى : ١٦ و ١٩ ؛ حاشية مجمع الفائدة والبرهان : ٤٠٣ ؛ غنائم الأيّام ٣ : ٣٧٠ ـ ٣٧١ ؛ جواهر الكلام ٣ : ٣٦٣ ، و ٣١ : ١٣٩ ؛ كتاب المكاسب للشيخ الأنصاري ٥ : ١٦٩ ؛ القواعد والفوائد ١ : ١٣٧ ـ ١٤١ ؛ نضد القواعد الفقهية : ٦٩ ؛ الوافية : ١٨٣ ـ ١٨٤. [٣] في النسختين : يقدّم. [٤] مسالك الأفهام ٧ : ٣٩٧ ـ ٣٩٨. انظر أيضا ايضاح القواعد ٣ : ٢٧٣. انظر ج ٤ ، ص ٥٧. [٥] اعترف في تمهيد القواعد : ٣٠١. [٦] « ل » : العلم.