صحّة أو لا ، غاية الأمر تطابق الأصل والنهي في الدلالة على الفساد فيما ليس فيه جهة صحّة. وبعبارة واضحة : توهّم الصحّة مع صحّة الاتّصاف بالصحّة يكفي في صحّة النزاع ، فيخرج كثير من المعاصي من جهة عدم الاتّصاف ، كجملة من الأفعال التي تترتّب عليها أحكام شرعيّة ، كالضمان المترتّب على الإتلاف ونحوه.
السادس : قال المحقّق القمّي رحمهالله أيضا : الأصل في العبادات والمعاملات هو الفساد ، لأنّ الأحكام الشرعيّة كلّها توقيفيّة ومنها الصحّة ، والأصل عدمها ، وعدمها يكفي في ثبوت الفساد ، وإن كان هو أيضا من الأحكام الشرعيّة ، لأنّ عدم الدليل دليل العدم [١].
وأورد عليه بعضهم : بأنّ الكلام في أنّ النهي هل يقتضي رفع الصحّة عمّا من شأنه الصحّة أو لا؟ وشيء من طرفي الحكم لا يرتبط بالأصل المذكور ، إذ الكلام إنّما هو بعد ثبوت الصحّة ـ كما اعترف به ـ فلا وجه لإيراد الكلام المذكور في مقدّمات المسألة المفروضة. اللهم إلاّ أن يكون ذلك منه حرصا على ضبط المطالب وإيراد المقاصد. نعم ، لو كان مثل القمار وغيره ممّا لم يثبت له جهة صحّة داخلا في النزاع كان لإيراده وجه ، لكونه بيانا للأصل في المسألة بعد عدم دلالة النهي على الفساد [٢].
ثمّ إنّ ما ذكره من أصالة الفساد إنّما يتمّ بإطلاقه في المعاملات ، إذ عند الشكّ في ترتّب الأثر الشرعي على المعاملة بعد عدم دليل يقضي به ، لا إشكال في لزوم الاستناد إلى أصالة عدم الترتّب [٣] ، ولا يراد بالفساد إلاّ ذلك.
[١] القوانين ١ : ١٥٥. [٢] انظر الحاشية المسمّاة بالتوضيح المطبوعة في هامش القوانين ١ : ١٥٥. [٣] العبارة في ( ع ) هكذا : لزوم الاستناد إلى الأصل ، لكون الأصل عدم الترتّب.