أمّا الأوّل ، فلعلّ الظاهر منه الشيء الوجودي ، ويمكن أن يراد به ما يعمّ التروك أيضا ، فيدخل فيه مثل « اترك الزنا » وعليه يتّجه القول بأنّ الأمر بالشيء عين النهي عن ضدّه العامّ ؛ لأنّ النهي عن ترك ترك [١] الزنا عبارة اخرى عن النهي عن فعله جدّا. كما يتّجه القول حينئذ بأنّ المراد بالنهي الذي يقتضيه الأمر بالشيء ما يعمّ الأصلي والتبعي ؛ لأنّ هذا النهي المستفاد من الأمر بالترك ليس إلاّ أصليّا ، كما أنّ النهي المتعلّق بالأضداد الخاصّة على القول بأنّ الأمر بها عين النهي عن أضدادها ـ حتّى أنّ الأمر بالسكون عبارة اخرى من النهي عن الحركة ـ يكون أيضا أصليّا ، فاتّضح المراد من النهي بأنّه يعمّ الأصلي والتبعي معا ، فمن خصّصه بالتبعي أو بالأصلي فقد سها.
ولعلّ ما أوقع المخصّص بالأصلي ـ كالقمّي طاب ثراه [٢] ـ في خياله هذا ما رآه في كلمات الأصحاب في ذكر الثمرات : من بطلان الضدّ المصادم لوقت المأمور به كالصلاة الواقعة في وقت الإزالة ، فإنّه لا يتمّ إلاّ على تقدير كون النهي المتعلّق بالضدّ أصليّا ، إذ النواهي التبعيّة لا تقتضي الفساد خصوصا في المعاملات ، فحيث حكموا ببطلان الضدّ على القول بالاقتضاء علم أنّ النهي المتنازع فيه هو النهي الأصلي عندهم.
[١] في ( م ) و ( ط ) : تركه بترك. [٢] القوانين ١ : ١١٤.