ثمّ أورد على هذا الاستدلال بأ نّا لا نسلّم أنّ الولاية المذكورة في الآية غير عامة ، حيث إنّ عدم العموم يبتني على كون كلمة « إنّما » مفيدة للحصر ، ولا نسلّم ذلك ، والدليل عليه قوله تعالى : ( إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ )[١] ولا شك أنّ الحياة الدنيا لها أمثال اخرى ولا تنحصر بهذا المثل.
وقوله تعالى : ( إِنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ )[٢] ولا شك في أنّ اللعب واللهو قد يحصلان في غيرها.
والجواب عنه أوّلاً : بالنقض بقوله تعالى : ( وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ )[٣] وقوله سبحانه : ( وَما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ )[٤] حيث لا شبهة في إفادة كلمة « إلاّ » الحصر ولا ينكرها أحد فيما نعلم إلاّ أبو حنيفة [٥] فاذن ما هو جواب الفخر الرازي عن هاتين الآيتين. فان أجاب بأنّ عدم دلالة كلمة « إلاّ » على الحصر فيهما إنّما هو من ناحية قيام قرينة خارجية على ذلك ، وهو العلم الخارجي بعدم انحصار الحياة الدنيا بهما ، نقول بعين هذا الجواب عن الآيتين المتقدمتين وأنّ عدم دلالة كلمة « إنّما » على الحصر فيهما إنّما هو من جهة القرينة الخارجية.
[١] يونس ١٠ : ٢٤. [٢] محمّد ٤٧ : ٣٦. [٣] الأنعام ٦ : ٣٢. [٤] العنكبوت ٢٩ : ٦٤. [٥] الإحكام للآمدي ٣ : ٩٢ ، شرح مختصر الاصول ـ للعضدي ـ : ٢٦٤ ـ ٢٦٥.