الآن ، وقد أوضحنا ذلك بشكل موسّع في ضمن البحوث المتقدمة في مسألة الأمر بين الأمرين [١]. فالنتيجة : أنّ هذه الكلمة غالباً تستعمل في قصر الصفة على الموصوف وهي تفيد الحصر عندئذ. نعم ، قد تستعمل للمبالغة في هذا المقام أيضاً ، وعندئذ لا تدل على الحصر.
ثمّ إنّ العجب من الفخر الرازي [٢] حيث أنكر دلالة كلمة « إنّما » على الحصر وقد صرّح بذلك في تفسير قوله تعالى : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ )[٣] فانّه بعد إنكاره أنّ المراد من ( وَالَّذِينَ آمَنُوا ) إلخ في الآية هو علي بن أبي طالب ( عليه الصلاة والسلام ) كما قال الشيعة ، بل المراد منه عامة المؤمنين قال : إنّ الشيعة قد استدلوا على أنّ الآية نزلت في حق علي عليهالسلام بأنّ كلمة « إنّما » للحصر وتدل على حصر الولاية بالله وبرسوله وبالذين موصوفون بالصفات المذكورة في الآية ، ومن المعلوم أنّ من كان له هذه الصفات فهو الولي المتصرف في أمر الامّة وهو لا يكون إلاّ الإمام عليهالسلام.
ودعوى أنّ المراد من الولي ليس معنى المتصرّف ، بل هو بمعنى الناصر والمحب خاطئة جداً ولا واقع موضوعي لها أصلاً ، لأنّ الولاية بهذا المعنى تعم جميع المؤمنين فلاتختص بالله وبرسوله وبالذي يكون موصوفاً بالصفات المزبورة ، فاذن بطبيعة الحال يكون المراد من الولاية في الآية معنى التصرف والسلطنة ، ومن المعلوم أنّها بهذا المعنى تختص بالله وبالرسول وبالإمام وهو علي بن أبي
[١] راجع المجلد الأوّل من هذا الكتاب ص ٤٢٩. [٢] التفسير الكبير ١٢ : ٣٠. [٣] المائدة ٥ : ٥٥.