موسى كان أمره باللحاق به ، فعصى هارون أمره؟ قلنا : يجوز أن يكون أمره بذلك بشرط المصلحة ، ورأى هارون الإقامة أصلح ، والشاهد يرى ما لا يرى الغائب ، ويجوز أن يكون لم يأمره بذلك ، وإنّما أمره بمجاهدتهم وزجرهم عن القبيح ، وإنّما عاتبه مع أن اللوم توجّه على القوم ؛ لأنّ أمره بمفارقتهم لوم عليهم ، وقيل أن موقع الذنب ممن عظمت مرتبته أعظم ، فلما كان هارون أجل من خلّفه موسى خصّه باللائمة ، وهذا إنّما يتّجه إذا ثبت لهارون ذنب ، فأمّا وهو نقي الجيب من جميع الذنوب ، برئ الساحة من العيوب ، فالقول الأوّل هو الوجه » [١].
أي أنه لم يعص أخيه عليهمالسلام في شيء قط.
وقال الشيخ محمد جواد مغنية رحمهالله في معنى قوله « أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي » : (هذا ظاهره لوم أو عتاب لهارون عليهالسلام أما في واقعه فهو تقريع للذين عبدوا العجل) [٢].
وقد سبقه الشيخ الطوسي إلى هذا المعنى قال : « وقوله : « أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي » صورته صورة الاستفهام ، والمراد به التقرير ؛ لأنّ موسى كان يعلم أن هارون لا يعصيه في أمره » [٣].
سادساً ـ ما يتعلّق بنبي اللّه داود عليهالسلام
تعرّض نبيّ اللّه داود عليهالسلام كغيره من أنبياء اللّه ورسله عليهمالسلام إلى مدّعيات المخطئة التي هي أشبه ما تكون بالسخافات منها إلى الإشكالات العلميّة ، سيما وقد تجرّأت على مقام خليفة اللّه في أرضه فزعمت ارتكابه أشدّ