responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفوائد المشوّق إلى علوم القرآن وعلم البيان المؤلف : ابن قيّم الجوزية    الجزء : 1  صفحة : 248

أخذ المتنبي هذا المعنى فقال :

أيا ابن كروّس يا نصف أعمى

وان تفخر فيا نصف البصير

وكان ابن كروّس أعور .. وينخرط في هذا السلك قوله تعالى : ( إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ ) إذا جعل هذا من باب التهكم به والإزراء عليه كان ذما. ولهذا قال بعض المفسرين أرادوا ـ إنّك لأنت الأحمق السفيه ـ وإن أريد به المدح فالتقدير ـ انك أنت الكامل الحليم الرشيد فكيف يبدو منك مثل هذا لأنه ذكر الحليم والرشيد بالالف واللام التي هي لاستغراق الجنس أو للعهد .. ومثله في السنة قول النبي صلى الله عليه وسلم ـ من جعل قاضيا ذبح بغير سكين ـ فإن أريد به الذم يكون التقدير من جعل قاضيا فقد قتل بغير سكين لأنه ليس في قدرته إقامة الحق على وجهه واجراء الأحكام على القانون المستقيم ، فيكون قد كلف ما لا طاقة به ، ومن كلف ما لا طاقة له به فهو في ألم شديد يشبه ألم من ذبح بغير سكين ، ومن أراد المدح قال إنه لشدة تحرزه في أحكامه واجتهاده في نقضه وابرامه وإنعامه النظر فيما يحدث من الوقائع ويتجدد من خفايا الاحكام والنظر في أمر الوصايا ومال الايتام إلى غير ذلك من الأمور المشقة يحصل له من الألم مقدار ألم من ذبح بغير سكين ، بل أشد لأن من ذبح بغير سكين يقاسي الألم في حال ذبحه ، ثم يستريح ، والحاكم بهذه الأمور مستمر التعب دائم النكد مشتغل القلب منقسم الفكر دائم النظر ، فنسأل الله اللطف بنا وبه إنه على ما يشاء قدير.

اسم الکتاب : الفوائد المشوّق إلى علوم القرآن وعلم البيان المؤلف : ابن قيّم الجوزية    الجزء : 1  صفحة : 248
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست