الصادق عليهالسلام : « كلّ شيء مطلق حتّى يرد فيه نهي » [١] إباحة كلّ شيء [٢] ما لم يبلغنا فيه نهي.
ومن المعلوم : أنّ المراد نهي يكون اتّباعه واجبا ، والمفروض فيما نحن بصدده عدم بلوغ ذلك النهي.
لأنّا نقول : النهي قسمان : نهي خاصّ ونهي عامّ ، والنهي العامّ قد بلغنا ، إذ علمنا من الحديث المتواتر بين الفريقين المشتمل على حصر الامور في ثلاثة ومن نظائره وجوب التوقّف علينا في كلّ واقعة لم يكن حكمها بيّنا عندنا ، معلّلا بأنّ الشريعة قد كملت ولم تبق واقعة خالية من حكم وارد من الله تعالى ، ومعلّلا بالحذر عن ارتكاب المحرّمات والوقوع في الهلكات من غير علم *.
وبهذا الجواب يندفع ما يتّجه أن يقال : ذكر شيخنا الصدوق في كتاب التوحيد في باب الاستطاعة : حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى العطّار رضى الله عنه قال : حدّثنا سعد بن عبد الله ، عن يعقوب بن يزيد ، عن حمّاد بن عيسى ، عن حريز بن عبد الله ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : رفع عن أمّتي تسعة : الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه وما لا يطيقون وما لا يعلمون وما اضطرّوا إليه والحسد والطيرة والتفكّر في الوسوسة في الخلق ما لم ينطقوا بشفة [٣].
وذكر في باب التعريف والحجّة والبيان : حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى
* مقتضى كلام المصنّف أنّ الصادق عليهالسلام غفل عن هذا المعنى الّذي تفطّن إليه المصنّف! حتّى أطلق عليهالسلام القول بأنّ « كلّ شيء مطلق حتّى يرد فيه نهي » بل كان ينبغي له عليهالسلام أن يأمر بالتفحّص والتوقّف ، لكون ذلك الحكم لا يجوز أن يكون مغفولا عنه من الشارع وأنّ الوصول إليه ممكن وكلامه عليهالسلام في هذا المكان وغيره من إطلاقاته عليهالسلام مفاده : أنّ كلّ حكم لم يصل إلينا به تكليف فتكليفه مرفوع عنّا ، وهذا هو عين دليله من الله سبحانه وتعالى. وأيّ دليل أوضح من هذا وأظهر؟ لأنّ مقتضاه عدم انتظارنا في ذلك الحكم شيئا آخر يوجب التوقّف فيه ، وذلك لا يوجب نقصان الشريعة بل هو من أكمل متمّماتها ، لأنّ مفاده قاعدة كلّية نفعها عامّ.