اسم الکتاب : الزيارة والتوسّل المؤلف : صائب عبد الحميد الجزء : 1 صفحة : 144
استسقى عمر بالعباس ، وقال : ( اللّهم إنّا كنّا إذا أجدبنا نتوسَّل إليك بنبيِّنا فتسقينا ، وإنّا نتوسَّل إليك بعمِّ نبيّنا فاسقنا ) ولم يجيئوا إلى قبر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قائلين : يا رسول الله ادع لنا واستسق لنا [١]. ثمَّ أطال الكلام بما ليس له في الموضوع صلة ، إذ طفق يتكلَّم طويلاً عن بناء القبور واتخاذها مساجد والتبرُّك بها [٢].
والتحقيق يثبت خلاف هذا الرأي ويكشف عن ثغرات هذا الاستدلال ..
بدءاً : إنّ الاستدلال باستسقاء عمر بالعباس لا ينهض دليلاً على الرأي المذكور ، لعدة وجوه :
الاَول : إذا كان هذا يمثِّل قناعة عمر بالتوسُّل بالحيّ ، فليس فيه دلالة على حرمة التوسُّل بالميِّت.
الثاني : إذا كان موقف عمر هذا يدلُّ على عدم صحة التوسُّل بالميت ، فليس فيه دلالة على أنّ هذه هي قناعة كلِّ الصحابة حتى المشاركين له في هذا الاستسقاء. فإذا حُمِل إقرارهم قول عمر على أنّه إجماع سكوتي يدلُّ على صحّة رأيه ، فهو من ناحيةٍ : إنّما يدلُّ على إقرارهم التوسُّل بالحي الذي تمَّ بالفعل ، ولا يدلُّ على نفي التوسُّل بالميِّت ..
هذا إذا عُدَّ الاِجماع السكوتي حجّة ، والاختلاف فيه كبير جدّاً ..
فقد أنكر الاجماع السكوتي طائفة كبيرة من الفقهاء ، فلم يعدُّوه إجماعاً ولا حجّة ، وهذا هو مذهب المالكية ، وهو قول الشافعي ، وداود الظاهري إمام
[١] زيارة القبور : ٢٤ ـ ٢٥. [٢] انظر : زيارة القبور : ٢٦ ـ ٣٧.
اسم الکتاب : الزيارة والتوسّل المؤلف : صائب عبد الحميد الجزء : 1 صفحة : 144