اسم الکتاب : الامام علي بن الحسين عليهما السلام دراسة تحليلية المؤلف : مختار الأسدي الجزء : 1 صفحة : 9
إذن ، من هذا المنطلق سنحاول في بحثنا
هذا أن نقترب من هذا الإمام العظيم باعتباره حركة في الواقع وتجسيداً للمثال ، وقدوة
حسنة ، ونموذجاً حركياً عاش على الاَرض وتحرك مع الناس وأنزل المفاهيم السماوية
مصاديق متحركة تمشي على أقدامها في الاَسواق ومع الفقراء والعبيد وعوامّ الناس ، لتؤكد
للجميع أنّ الإمام شعار وشعور ، مفاهيم ومصاديق ، أقوال وأفعال ، موعظة وسلوك ، توجيه
وممارسة ، يواسي الفقير ، وينتصر للمظلوم ، ويصفح عن المسيء ، يعدل بين المتخاصمين
، ويدعو على الظالمين ، ويدعو للمظلومين ، يبكي نبلاً ، ويتهجّد صدقاً ، وينشج
حزناً ، ويقرأ القرآن اعتقاداً وتصديقاً ، ويرتّله إيماناً ويقيناً ، ويعمل به
أخلاقاً وسلوكاً ، فلسفة وعرفاناً ، نظرية وتطبيقاً ...
ولعلّ ما أردنا إثباته بل تأكيده في هذه
الدراسة التحليلية الموجزة للاِمام السجاد عليهالسلام
هو هذا وليس أكثر ، مؤكدين أيضاً أن الخلود ليس من نصيب الحاكم صاحب السلطة
والصولجان مهما تماهى مع ذاته في كتابة تأريخه وأغدق على شعرائه وكتّاب دواوينه ، وإنّما
المجد والخلود يكون عادةً من نصيب المعارض الصادق ، وإن كان ملاحقاً أو سجيناً أو
شهيداً ولو بعد حين.
وحين نقول إنّ عظمة ( البيان ) جاءت في
القرآن الكريم بعد عظمة ( خلق الاِنسان ) .. (الرحمنُ * خلقَ
الاِنسان * علّمه البيان) ، فإنّ بيان الإمام السجاد عليهالسلام كان بياناً ما بعده
بيان ، وامتداداً لبيان جدّه أمير المؤمنين عليهالسلام
الذي عُدّ دون كلام الخالق وفوق كلام المخلوق ، فضلاً عن كونه إنساناً لا كالناس ،
بل لم يترك له الناس في زمانه دوراً إلاّ أن يكون محوراً لتذكيرهم بربهم ، يكبح
تهالكهم على الدنيا وتهافتهم عليها حين يرونه قد اصفر وجهه [١] عند وضوئه وقبل الوقوف بين يدي ربه ...
وكفاه