اسم الکتاب : الامام علي بن الحسين عليهما السلام دراسة تحليلية المؤلف : مختار الأسدي الجزء : 1 صفحة : 8
العباد لاستكمال
فصول « الابتلاء » ؛ بل الغضب الاِلهي الذي عمّ أهل الدنيا بعد تلك الواقعة
السوداء التي لطخت وجه التاريخ.
نقول ، إنّ « التاريخ الاَسود » الذي
كتبته السلطة الاَموية الحاكمة ، لم يبق للمؤرخين من سيرة هذا الإمام العظيم إلاّ
النزر القليل ، فضلاً عن التحريف المتعمد لتشويه صورته والتعتيم على مواقفه وسيرته
ووفق الطريقة التي تخدم السلطة الحاكمة ، وتبرّر للحكام عزلته أو اعتزاله ، بل
تفسّر ذلك وتبرره على أنّه الموقف السليم من الحكم ، الاَمر الذي سار عليه الكتّاب
والمؤرخون في تفسيرهم الظاهري لاعتزاله ، بل عزله وإقصائه [١].
ولكن ، ومع كل هذا التغييب المتعمّد أو
هذا التعسف الظالم بحق الإمام السجاد عليهالسلام
، إلاّ أن مواقفه وكلماته وسيرته تحدّت حجب الزمن وركام التاريخ وغبار المدوّنات
الظالمة ، وتركت لنا منه سفراً خالداً يجدر بالكتّاب والباحثين المعاصرين أن
يقرأوه أو يدرسوه قراءة متأنية أُخرى ، أو دراسة تحليلية جديدة تتناسب مع موقعه
باعتباره الرمز الاَول في معارضة سلبية قُتل كافة رجالها في معركة غير متكافئة ، أقعده
المرض عن خوضها وبقي يُقاتل وحده ، بطريقةٍ أقلّ ما يقال فيها أنّها كانت أقسى من
ساعة مواجهة كان يمكن أن يستشهد فيها مع اخوته وأبيه وأصحاب أبيه ويتخلص من أيام
ضيم وسنيّ ألم وعقود حصار ، وملاحقة مرّة جعلت منه رمزاً منغّصاً ، وهاجساً مرعباً
لسلطة الباطل ، ووجهاً لوجه أمام قوم غلاظ نزع الله من قلوبهم الرحمة ، فراحوا
يعدّون عليه أنفاسه ويلجأون إلى شتى الوسائل لاِنهائه والاجهاز عليه وإلحاقه بمن
سبقه من سلالة هذا البيت الطاهر الكريم ...
[١]راجع : نظرية
الإمامة / صبحي الصالح : ٣٤٩ ، وحياة الإمام علي بن الحسين عليهالسلام : ٣٢٠ ، وثورة زيد
/ ناجي حسن : ٣٠ ـ ٣١ ، والفكر الشيعي والنزاعات الصوفية / الشيبي : ١٧. والصلة
بين التصوف والتشيع : ١٠٤ و ١٠٧.
اسم الکتاب : الامام علي بن الحسين عليهما السلام دراسة تحليلية المؤلف : مختار الأسدي الجزء : 1 صفحة : 8