الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً ) [ النّساء : ١١٥ ] وسبيل المؤمنين هو هداه 6 ودينه الّذي أوحى الله تعالى به إليه ، فليس القياس من دينه ولا من سنّته وقرآنه في شيء ، وليست هي منه على شيء ، وسيأتي المزيد من التوضيح في القريب إنشاء الله تعالى.
لا ينتقض ما قلناه في بطلان القياس بما هو ثابت الحجية
ولا ينتقض ما أدليناه عليك من بطلان القياس بخبر الواحد ـ بناء على اعتباره مطلقا ـ ولا بالاستصحاب وغيره مما هو ثابت الحجيّة إجماعا وقولا واحدا ، أما أولا :
فلأن القياس هو غير خبر الواحد وغير الاستصحاب ونحوه ، فهما مختلفان موضوعا ومحمولا ، والنقض مشروط بوحدة الموضوع وهي منتفية هنا.
ثانيا : لا دليل على خروج القياس [١] عن منطوق تلك الآيات بخلافها ، لقيام الدليل على خروجها عن منطوقها.
ثالثا : بما أخرجه البيضاوي عن النبيّ 6 أنه قال : ( تعمل هذه الأمة برهة بالكتاب وبرهة بالسنّة وبرهة بالقياس ، وإذا فعلوا ذلك فقد ضلّوا )
وبما أخرجه الحاكم في مستدركه ( ص : ٤٣٠ ) من جزئه الرابع صحيحا على شرط البخاري ومسلم ، عن عوف بن مالك ، قال : قال رسول الله 6 : ( ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة ، أعظمها فرقة يقيسون الأمور برأيهم فيحرّمون الحلال ويحللون الحرام ).
رابعا : إن قوله تعالى : ( وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) [ الحشر : ٧ ] موجب لبطلان القياس ، لأنه إما إن يكون القياس مما أتى به
[١] لأنّا نقول إن الأصل في الأحكام الفرعية المتعلّقة بفعل المكلّفين هو جواز العمل بالظن غير القياسي عند انسداد باب العلم ، ونريد بالظن خصوص الظن الاجتهادي غير القياسي المتعلّق بالحكم الفرعي في ذلك الحال ، فيكون القياس خارجا عنه موضوعا بنحو التخصص لا التخصيص بناء على إفادته الظن ، وبه يندفع الإشكال بعدم جواز التخصيص في حكم العقل إذا كان حاكما بجوازه على فرص انسداده.