وأمّا كون الامتثال في الواجب متوقّفاً
على عامّة المقدّمات والامتثال في باب المحرّمات يتوقّف على ترك واحدة منها إذا لم
تكن المقدّمات متحقّقة ، وعلى ترك الأخيرة إذا كانت متحقّقة ، وإن كان صحيحاً
لكنّه لا يرتبط بباب تعلّق الأحكام بصلة ، فالبحث ليس في كيفية الامتثال ، وإنّما
البحث في سريان الحب والبغض في مقام التشريع إلى المقدّمة ، والملاك موجود في عامة
المقدّمات إمّا مطلقة وإمّا موصلة.
الثاني : السريان في
المقدّمة التوليدية
ذهب المحقّق الخراساني إلى سراية
التحريم من ذي المقدّمة إلى المقدّمة التوليدية ، أعني : ما لا تتوسط بين المقدّمة
وذيها إرادة المكلّف ، كالإلقاء بالنسبة إلى الإحراق [١] ، وأمّا في العلل الإعدادية من السبب
والشرط والمعد فبما انّ الإتيان بغير الجزء الأخير ( الإرادة ) لا يسلب الاختيار
من المكلّف ويتمكّن المكلّف معه أيضاً من ترك الحرام فلا يترشّح التكليف إلى ما
عدا الجزء الأخير.
وأمّا الجزء الأخير ، أعني : الإرادة ،
فهو وإن كان لا يتمكّن معه من ترك الحرام لكنّه أمر خارج عن الاختيار لا يتعلّق به
التكليف.
وحاصل كلامه : انّه يسري الحكم في العلل
التوليدية لكونها ملازمة مع المبغوض في المكروه والحرام ، وأمّا في غيرها فالذي
يقع في إطار الاختيار كما هو الحال قبل تعلّق الإرادة فهو لا يلازم المبغوض ، بل
يتمكّن المكلّف معه من ترك
[١] وإلى هذا يشير
في كتابه بقوله : « فلو لم يكن للحرام مقدّمة لا يبقى معه اختيار تركه » أي علّة
تامّة لا يتمكّن معها من ترك ذيها. وما في النسخة المحشّاة بتعليقة العلاّمة
المشكيني من قوله : « فلم لم يكن » تصحيف.