إنّ المحقّق الخراساني لما ذكر أنّ للّه
سبحانه إرادتين : تكوينية وتشريعية ، وانّ ما لا ينفك عن المراد إنّما هو القسم
الأوّل لا الثاني ، عرج على مبحث آخر من دون ملزم ، وهو أنّ الإيمان رهن موافقة
الإرادة التكوينية للّه سبحانه مع الإرادة التشريعية منه ، كما أنّ الكفر والعصيان
رهن مخالفتهما ، فإذا توافقتا فلابدّ من الإطاعة والإيمان ، وإذا تخالفتا فلا مناص
من اختيار الكفر والعصيان.
ثمّ إنّه بعد ما ذكر هذا لمع في ذهنه
إشكالان ذكرهما بصيغة السؤال والجواب ، نذكرهما كالتالي :
الإشكال
الأوّل : فإذا كان الكفر والعصيان ، والإطاعة
والإيمان بإرادته سبحانه التي لا تتخلف عن المراد فلا يصحّ أن تتعلّق بها الإرادة
لكونها خارجية عن الاختيار المعتبر في التكليف عقلاً.
هذا هو السؤال أو الإشكال.
فأجاب عنه : بأنّ تعلّق الإرادة
التكوينية بفعل الإنسان لا يلازم الجبر لأنّها تعلّقت بصدور الفعل عن العبد بقيد
الإرادة والاختيار ، فلو صدر عنه جبراً يلزم تخلّف إرادته عن مراده تعالى.
وبالجملة هناك أُمور ثلاثة :
الأوّل : تعلّق الإرادة الإلهيّة بفعل
العبد.
الثاني : تعلّقها بصدور الفعل عنه لكن
لا مطلقاً ، بل عن إرادة واختيار.
الثالث : ما يترتّب على فعل العبد من
الكفر والعصيان.
وإنّما يلزم الجبر لو لم يتوسط الثاني
بين الأوّل والثالث.
الإشكال
الثاني : إنّ الكفر والإيمان وإن صدرا عن
العبد بإرادة واختيار إلاّ