وثيقة ، مع أتباع
الشرائع السماوية الذين كانوا يصلّون ، ويصومون ولم يكن لهم بدّ من التعبير عن هذه
الحقائق بلفظ خاص ، وليس هذا اللفظ إلاّ ما استخدمه القرآن في بدء البعثة غاية
الأمر قد أضاف جزءاً أو شرط شرطاً ، وعين موانع وقواطع لها.
ويؤيد ذلك أيضاً أنّ جعفر بن أبي طالب
عرّف دين النبي لملك الحبشة بكلام مفصل وكان ذلك في العام الخامس من البعثة ، وقد
جاء في ثناياه :
أيّها الملك كنّا قوماً أهل جاهلية نعبد
الأصنام ـ إلى أن قال : ـ وأمرنا أن نعبد اللّه وحده لا نشرك به شيئاً ، وأمرنا
بالصلاة والزكاة والصيام فصدقناه وآمنا ... ». [١]
كل ذلك يعرب عن شيوع استعمال هذه
الألفاظ في تلك المعاني يوم ذاك وقد خاطب رئيس الوفد ( جعفر بن أبي طالب ) ملكَ
الحبشة بلغة قومه ، وبالتالي خاطب النبي الناس أيضاً بلغة قومه وقال سبحانه : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُول إِلاّ بِلِسانِ
قَومِهِ).
[٢]
ثمّ إنّ القوم نظروا إلى القسم الأوّل
من الآيات الدالة على ثبوت هذه الحقائق في الشرائع السماوية ، وغفلوا عن القسم
الثاني منها الدال على التعبير عنها في بدء البعثة بنفس هذه الألفاظ ، كما غفلوا
عن انتشار هذه المفاهيم بين الجزيرة العربية فقد كانوا يعبّرون عنها بهذه الألفاظ
، ولذلك استشكل على هذه النظرية جماعة منهم المحقق النائيني حيث قال :
إنّ المعاني وإن كانت ثابتة في الشرائع
السابقة إلاّ أنّها لم تكن يعبّر عنها