اسم الکتاب : أربع رسائل كلاميّة المؤلف : الشهيد الأول الجزء : 1 صفحة : 55
وأمّا
الثاني ؛ فلجواز إرادة
القائل بالأمر والنهي ما فسّرناه ، فلا يرد عليه ما ذكروه.
وأما الترك فلا
يلزم من المخاطبة بالأفعال أن لا يكون الوجوب لأجل ما يتضمّن الترك من المفسدة.
ووجوب سبق البيان ممنوع ، والساهي غير مكلّف. ونمنع شمول التفسيرين لما يصدق عليه
اسم الشكر. ونحن قد بيّنّا أنّ الشكر الخاصّ شامل للعبادات. سلّمنا ، لكنّ العبادة
مشتملة عليهما.
قوله : بخلاف العبادة فإنّها قد تقبح.
قلنا : المعتبر هو كيفيّة خاصّة للعبادة التي هي شكر ، وأصلها قائم ، ولم
لا يكون البارئ جلّ اسمه جعل للشكر وظائف مختلفة بحسب الأشخاص والأزمنة والأحوال
والأمكنة؟ مع أنّ الشكر في الشاهد يختلف بحسب المقام وحينئذ يتطرّق إليه النسخ
والتخصيص وغيرهما ، ولا قبح في الإلزام بالشكر ، ولهذا يحسن ذمّ كافر النعمة.
سلّمنا قبحه شاهدا
، لكن لعدم استتباع عوض ، وفي الغائب يستتبع الثواب الجزيل فلا قبح ؛ لأنّه تعالى
أمر بشكر نعمه بقوله : ( وَاشْكُرُوا لِي وَلا
تَكْفُرُونِ )[١] و ( أَنِ اشْكُرْ لِي
وَلِوالِدَيْكَ )[٢].
واحتجّ أصحاب
الشكر بثلاثة أوجه :
الأوّل
: أنّ نعم الله
تعالى لا تحصى ، كما قال تعالى : ( وَإِنْ تَعُدُّوا
نِعْمَتَ اللهِ لا تُحْصُوها )[٣] فيجب أبلغ أقسام الشكر ، والعبادة صالحة لذلك ، فصرفها
إليه أولى.
الثاني
: أنّ العبادة ـ فعالة
ـ من التعبّد الذي هو الخضوع ، وهو معنى الشكر.
الثالث
: ما اشتهر من قول
كثير من المتكلّمين : إنّ العبادة كيفيّة في الشكر.
وأجيب بتسليم
مقدّمات الأولى ، ولا يلزم صرف العبادة إليه ؛ ولأنّه لو وجب الأبلغ لم يقف على
حدّ العبادة ، لإمكان ما هو أبلغ منها.
ونمنع كون الخضوع
شكرا وإن اشتمل عليه اشتمال العامّ على الخاصّ ، فلا يكون