اسم الکتاب : أربع رسائل كلاميّة المؤلف : الشهيد الأول الجزء : 1 صفحة : 54
الثاني : إبطال كلّ من الأقوال الأخيرة.
أمّا مذهب الأمر
والنهي ؛ فلأنّه بناء على ما سلف ، وعلى فقد وجه الفعل.
ونحن نقول : إنّهما فرع الوجه فلا يكونان مؤثّرين فيه وإلاّ لجاز الأمر بالقبيح
فينقلب حسنا ، والنهي عن الحسن فينقلب قبيحا ، وإنّه باطل.
وأمّا الترك ؛
فلتوجّه الخطاب بالأفعال ، ولا شعور بالترك البتّة ؛ ولأنّه لو اعتبر لوجب بيانه
قبل بيان الواجب والقبيح ، ضرورة تقدّم العلّة الغائيّة في التصوّر ، ولكان لا
يفرّق بين الساهي والمصلّي ، وبين الساهي عن الشرب والشارب إذا لم يفعلا تركا.
وأمّا الشكر ؛
فلأنّه لغة طمأنينة النفس على تعظيم المنعم كما نقله بعض المتكلّمين ، أو الثناء
على المحسن بما أولاه من المعروف كما ذكره اللغوي [١].
وعرفا الاعتراف
بالنعمة مع ضرب من التعظيم ؛ لدوران الشكر معه وجودا وعدما.
وظاهره مغايرة
العبادة للمعنيين.
ولأنّ مجرّد
الاعتراف القلبي كاف في معرفة الله سبحانه شكر العبد ، وإنّما احتيج إلى اللسان
لإشعار المشكور ، فلا معنى لوجوب الزائد على الاعتراف.
ولأنّ الشكر يمتنع
الخلوّ من وجوبه بخلاف العبادة ، فإنّها قد يقبح واجبها كصلاة الحائض ، ويجب
قبيحها كأكل الميتة ، ومن ثمّ تطرّق النسخ إلى السمعيّات. ولقبح الإلزام بشكر
النعمة شاهدا فكذا غائبا.
وفي الجميع نظر.
أمّا
الأوّل ؛ فلأنّه وارد في
كلّ عبادة ، عقليّة كانت أو نقليّة فإنّ فعلها مقرّب من عبادة أخرى ، وتركها مبعّد
، مع أنّ وجوبها لا يكون معلّلا بها ، فلو صحّ هذا لزم تعليل كلّ عبادة بالأخرى ،
وهم لا يقولون به.
وأمّا الآيات
الكريمة ؛ فإنّها تدلّ على حصول هذه الغايات عندها.
وأمّا أنّ تلك
الغايات هي العلّة الموجبة لأصلها فلا. والنزاع إنّما هو فيه.