اسم الکتاب : أربع رسائل كلاميّة المؤلف : الشهيد الأول الجزء : 1 صفحة : 142
من وجوبه. فلو كان
التحسين والتقبيح إنّما هما من الشارع حتّى صدّق بخلق المعجز من ليس بنبيّ ، فإذا
قيل : تصديق الكاذب قبيح ؛ لأنّه كذب ، قال : إنّ تقبيح الأشياء بوضعي ، وأنا لم
أضع القبيح على كذبي.
فإذا جوّز العاقل
ذلك لم يبق له طريق إلى إثبات النبوّة ، فيبطل السمع المتوقّف عليهما.
قال
: ( الثانية : هل حسن الأشياء
وقبحها للذات ، أو للوجه اللاحق للذات؟ البصريّون من العدليّة على الأوّل ،
والبغداديّون على الثاني ؛ لتعليل كلّ منهما بعلل عارضة ؛ ومن ثمّ أمكن كون الشيء
الواحد بالشخص حسنا وقبيحا باعتبارين ، كضرب اليتيم ؛ وعلى هذا يترتّب النسخ ).
أقول : حجّة
الأوّلين لم يذكرها المصنّف لكنّه أدرجها فيما يأتي. وملخّصها أنّا متى علمنا كون
الشيء صدقا وإنصافا علمنا حسنه ، ومتى لا فلا ، فدلّ الدوران على أنّه لو كان له
وجهة غير كونه صدقا لتخلّف العلم بحسنه عمّن جهل ذلك الوجه ، ولأمكن الانقلاب في
الأحكام فيصير الحسن قبيحا وبالعكس.
والقبيل الآخر
يلتزمون بهذا ولم يجعلوه محالا ، وسيأتي ذلك في حجّتهم.
حجّة الآخرين :
أنّ الحسن والقبح يعلّلان بعلل عارضة ، فيعلّل حسن الخبر وقبحه بمطابقته وعدمها ،
وهما عارضان. ولو كانا ذاتيّين امتنع تعليلهما بالعارض ، نتج من الشكل الثاني
كونهما ليسا ذاتيّين ، ولأجل تعليلهما بالعوارض أمكن كون الشيء الواحد حسنا
باعتبار قبيحا باعتبار ، فإنّ ضرب يتيم واحد في زمان واحد من ضارب واحد مع قصد
التأديب مليح ، ومع قصد الإهانة قبيح. وإنّما قيّد الوحدة بالشخص كما ذكرناه ؛
لتخرج الوحدة بالجنس والنوع ، فإنّ جنس الفعل ينقسم إلى حسن وقبيح.
وكذا نوعه كالخبر
ينقسم إلى مطابق فيحسن ، وإلى غيره فيقبح.
قوله
: وعلى هذا يترتّب النسخ. شروع منه في حجّة أخرى للبغداديّين ، وهي أنّ النسخ هو تغيير الأحكام بتغيير
المصالح ، فيكون الفعل حسنا في زمان دون آخر ،
اسم الکتاب : أربع رسائل كلاميّة المؤلف : الشهيد الأول الجزء : 1 صفحة : 142