اسم الکتاب : أربع رسائل كلاميّة المؤلف : الشهيد الأول الجزء : 1 صفحة : 104
قال : ( والكلام
إمّا في حسنه ، وهو ظاهر من حدّه ؛ ولأنّ الإنسان مدني بطبعه لا يستقلّ بأمر معاشه
، فلا بدّ من التعاضد بالاجتماع المفضي إلى النزاع ، فلا بدّ من نبيّ مبعوث بقانون
كلّي يعد على طاعته بالثواب ، ويوعد على معصيته بالعقاب ؛ ليحمل النوع على تجشّم
المشاقّ ، ولزوم الميثاق ، وذلك ممتنع بدون معرفة الصانع وما يثبت له وينفى عنه ،
وتعظيمه وإجلاله مؤكّد لذلك ، والطريق إليه التكرار الموجب للتذكار ، بنصب عبادات
معهودة في أوقات مخصوصة يذكر فيها الخالق بصفات جلاله وكماله ، والانقياد لسنّته ).
أقول : أمّا قوله : ظاهر من حدّه. في تسمية ما ذكره حدّا نظر ؛
فإنّ الحدّ بالذاتيّات كما قرّر في المنطق ، والفعل والكفّ والتعريض عوارض على ما
عرفت ، فيكون رسما ، إلاّ أن يكون ذلك تجوّزا ؛ لاشتراكهما في الحدّ اللغوي الذي
هو مطلق المنع.
قوله : ولأنّ الإنسان إلى آخره. شروع في بيان علّة ثانية لحسنه ، وهي ما ذكر
الأوائل من طريق وجوب بعث الأنبياء.
أنّ
الإنسان مدنيّ بطبعه ، أي خلق لا كغيره من الحيوان لا ضرورة له تلجئه إلى الاجتماع ، وهذا ظاهر في
الطير والوحش ، فإنّ إلف النوع بالنوع منها طبيعيّ لا ضروريّ ؛ لعدم احتياجه في
تحصيل رزقه وإصلاحه إلى ظهير كما في الإنسان ، فإنّ رزقه وكسوته أمور صناعيّة لو
صرف عمره في تحصيل آلات صناعتها نفد قبله ، ولضعف في زمان ذلك لعدم الرزق الموجب لضعف
القوى الموجب لعدم التحصيل ، وذلك دور لتوقّف بقاء القوى على الرزق الموقوف عليها
، أمّا مع الاجتماع فالتوقّف يسير لا يخلّ بما ذكرناه.
فإذا عرفت ضرورة
الاجتماع ـ ولا شكّ أنّه مجبول على الشهوة والغضب ـ فكلّ من أشخاصه يرى ما له حقّا
وما لغيره باطلا ، ويحبّ الغبن ويكره الانغبان ، فأفضى
اسم الکتاب : أربع رسائل كلاميّة المؤلف : الشهيد الأول الجزء : 1 صفحة : 104