اسم الکتاب : أربع رسائل كلاميّة المؤلف : الشهيد الأول الجزء : 1 صفحة : 103
( إِنَّكَ مَيِّتٌ )[١] لصحّة السلب قبل
الوقوع ، وتخصيص الإعلام من بين الشروط بالذكر ، لأنّه جزء من مفهوم حقيقة التكليف
، ولا يبعد ذكره في الشروط وإن كان جزءا ، فإنّ كلاّ من أجزاء الماهيّة مشروط
بالآخر اشتراط معيّة.
قال : ( فالأولى
أن يقال : التكليف هو بعث عقلي أو سمعي على فعل أو كفّ ابتداء للتعريض بالثواب ).
أقول : البعث : جنس يشمل القول والفعل ، ويشمل الإلزام كما في الواجب
والحرام ، وعدمه كبقيّة الأقسام. وفي ذكره للعقلي والسمعي تنبيه على تقسّمه
إليهما.
وعلى أنّ العقلي
بعث منه سبحانه ولو بواسطة.
وفي قوله : على فعل أو كفّ التفات إلى جانب الكراهة المتعلّق بالترك. والابتداء يخرج
بعث النهي ونحوه ، فإنّه لا يسمّى تكليفا.
وفي البعث إشارة
إلى مادّة التكليف ، وفي العقلي والسمعي إلى صورته ، والباعث دخل التزاما. وقد
يراد بالباعث العقل والسمع ، فيكون الفاعل منطوقا لا مفهوما ، وعلى هذا تكون
الصورة في الفعل والكفّ المذكورين ، وفي التعريض بالثواب إلى غايته.
هذا ما اختاره
رحمة الله عليه. وأرى فيه نظرا من وجهين :
الأوّل : أنّ الفعل والكفّ قسمي المكلّف به لا قسما من التكليف ؛
بل هما ما تعلّق به التكليف ؛ فإنّ التكليف إنّما هو مجرّد الأمر الوارد من الحكيم
تعالى. وتسميته للأفعال تكليفا مجاز من باب تسمية المسبّب باسم السبب ، كما سمّيت
أوامر ، على ما حقّق في الأصول ، فذكرها في التعريف لا موجب له.
الثاني : أنّ قوله : للتعريض بالثواب ، عليه نقض في عكسه بالمعرفة.
والنظر الأوّل
المعرّف لوجوب النظر ؛ فإنّه لا يقع التقرّب الذي هو مناط الثواب بهذين ؛ لامتناع
التقرّب قبلهما.