وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ» [1]
وَ قالَ:
«لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ»
إِلى قَوْلِهِ:
«لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ» [2]
وَ إِنَّما عابَ اللَّهُ ذلِكَ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُمْ كانُوا يَرَوْنَ مِنَ الظَّلَمَةِ
الَّذينَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمِ الْمُنْكَرَ وَ الْفَسادَ فَلا يَنْهَوْنَهُمْ عَنْ ذلِكَ رَغْبَةً فيما كانُوا يَنالُونَ مِنْهُمْ وَ رَهْبَةً مِمَّا يَحْذَرُونَ، وَاللَّهُ يَقُولُ:
«فَلَا تَخْشَوْا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ» [3]
«وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ» [4]
فَبَدَأَ اللَّهُ
بِالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْىِ عَنِ الْمُنْكَرِ فَريضَةً مِنْهُ لِعِلْمِهِ بِأَنَّها إِذا أُدِّيَتْ وَ أُقيمَتْ اسْتِقامَتِ الْفَرائِضُ كُلُّها هَيِّنُها وَ صَعْبُها، وَ ذلِكَ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْروُفِ وَ النَّهْىَ عَنِ الْمُنْكَرِ دُعاءٌ إِلَى الْإِسْلامِ مَعَ رَدِّ الْمَظالِمِ وَ مُخالَفَةِ الظَّالِمِ، وَ قِسْمَةِ الْفَيىءِ وَ الْغَنائِمِ وَ أَخْذِ الصَّدَقاتِ مِنْ مَواضِعِها، وَ وَضْعِها في حَقِّها.
ثُمَّ أَنْتُمْ أَيُّهَا الْعِصابَةُ عِصابَةٌ بِالْعِلْمِ مَشْهُورَةٌ، وَ بِالْخَيْرِ مَذْكُورَةٌ، وَ بِالنَّصيحَةِ مَعْرُوفَةٌ، وَ بِاللَّهِ في أَنْفُسِ النَّاسِ مَهابَةٌ يَهابُكُمُ الشَّريفُ، وَ يُكْرِمُكُمُ الضَّعيفُ، وَ يُؤْثِرُكُمْ مَنْ لا فَضْلَ لَكُمْ عَلَيْهِ وَ لا يَدَ لَكُمْ عِنْدَهُ، تَشْفَعُونَ فِي الْحَوائِجِ إِذَا امْتَنَعَتْ مِنْ طُلّابِها، وَ تَمْشُونَ فِى الطَّرِيقِ بِهَيْبَةِ الْمُلُوكِ وَ كَرامَةِ الأَكابِرِ، أَلَيْسَ كُلُّ ذلِكَ إِنَّما نِلْتُمُوهُ بِما يُرْجى عِنْدَكُمْ مِنَ الْقِيامِ بِحَقِّ اللَّهِ، وَ إِنْ كُنْتُمْ عَنْ أَكْثَرِ حَقِّهِ تَقْصُرُونَ، فَاسْتَخْفَفْتُمْ بِحَقِّ الْأَئِمَّةِ، فَأَمَّا حَقُّ الضُّعَفاءِ فَضَيَّعْتُمْ، وَ أَمَّا حَقُّكُمْ بِزَعْمِكُمْ فَطَلَبْتُمْ، فَلا مالَ بَذَلُتمُوهُ، وَ لا نَفْساً خاطَرْتُمْ بِها لِلَّذي خَلَقَها، وَ لا عَشيرَةً عادَيْتُموُها في ذاتِ اللَّهِ، أَنْتُمْ تَتَمَنَّوْنَ عَلَى اللَّهِ جَنَّتَهُ وَ مُجاوَرَةَ رُسُلِهِ وَ أَمانَهُ مِنْ عَذابِهِ.
لَقَدْ خَشيتُ عَلَيْكُمْ أَيُّهَا الْمُتَمَنُّونَ عَلَى اللَّهِ أَنْ تُحِلَّ بِكُمْ نِقْمَةً مِنْ نَقِماتِهِ، لِأَنَّكُمْ بَلَغْتُمْ مِنْ كِرامَةِ اللَّهِ مَنْزِلَةً فُضِّلْتُمْ بِها وَ مَنْ يُعْرَفْ بِاللَّهِ لا تُكْرِمُونَ وَ أَنْتُمْ بِاللَّهِ فِي عِبادِهِ تُكْرَمُونَ،
[1]. مائده، آيه 63.
[2]. مائده، آيات 78- 79.
[3]. مائده، آيه 44.
[4]. توبه، آيه 71.