responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نفحات الولاية المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 4  صفحة : 98

ثم قال عليه السلام بأنّ الله سبحانه أسكن آدم جنته وزوده بمختلف الأطعمة والأشرية، ثم حذره ما حظر عليه والعاقبة الخطيرة لتجاوز أمره ونهيه على مقامه وكرامته:

«وأسكنه جنته، وأرغد فيها أكله، وأوعز [1] إليه فيما نهاه عنه، وأعلمه أن في الأقدام عليه التعرض‌

لمعصيته، والمخاطرة بمنزلته».

نعم فقد أسكن الله آدم عليه السلام في جنّة أرضية (جنّة غناء بالفاكهة من جنان الأرض، والشاهد على ذلك قوله:

«فلما مهد أرضه»

، ثم بين لآدم عليه السلام تكليفه وأصدر له وأوامره ونواهيه وحذره من معصيته وعدم طاعة أوامره، والعبارات وان لم تصرح بالشجرة المنهية، غير أنّها بينت بصورة عامة؛ الأمر الذي ورد كراراً في عدّه آيات قرآنية ومنها الآية: «وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى‌ آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً» [2] والآية «وَقُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أنْتَ وَزَوْجُكَ الجَنَّةَ وَكُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظّالِمِينَ» [3].

ثم واصل الإمام عليه السلام كلامه بأنّ آدم وقع في ما حذر منه:

«فأقدم على ما نهاه عنه، موافاة لسابق علمه».

قد يبدو في البداية أنّ العبارة:

«موافاة لسابق علمه»

، أنّ آدم عليه السلام- قد أجبر على المعصية وذلك لأنّ علم الله سبق في هذا الأمر (وهذه هى الشبهة المعروفة لدى المجبرة في مسألة العلم الأزلي لله سبحانه)، ولكن كما ذكر نا ذلك سابقاً في بحث الجبر والتفويض، أنّ العلم الازلي ليس سبباً الاجبار على فعل قط! لأنّ اللَّه كان يعلم أنّ آدم عليه السلام سيقارف هذا العمل باختياره، بالضبط كالاستاذ الذي يعرف تلميذه سيسقط في الامتحان النهائي بسبب إهماله وكسله في الدروس. فمثل هذا العلم من قبل الاستاذ ليس له أية صلة برسوب ذلك التلميذ أو اجباره عليه. فهو يعلم أنّ تلميذه اختار طريقاً خاطئاً بمحض إرادته، وقد اعتاد الكسل والتقاعس دون الجد والمطالعة والمثابرة [4] ومن هنا آخذه اللَّه وخاطبه: «أَلَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُما الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ» [5].


[1] «أوعز» من مادة «وعز» على وزن وعظ اقتراح عمل على آخر.

[2] سورة طه/ 115.

[3] سورة البقرة/ 35.

[4] للوقوف على تفاصيل هذا الموضوع راجع كتاب «معرفة اللَّه».

[5] سورة الاعراف/ 22.

اسم الکتاب : نفحات الولاية المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 4  صفحة : 98
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست