responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نفحات الولاية المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 4  صفحة : 80

أحقاد وضغائن وحسد، كما ليس بينهم اختلاف وتفرق وتشتت، وأخيراً لايكبرون أعمالهم ولايتسلل إليهم اليأس والقنوط، ولايفكرون سوى في اللَّه وطاعته. صحيح أن خلق الإنسان يختلف تماماً وخلق الملائكة، فالعقل هو الذي يحكم الملائكة، بينما ركبت إلى جانبه الشهوة في الإنسان. إلّاأنّ هذا الإنسان الخليط من الصفات الحيوانية والعقلائية قد ينحدر حتى يكون كالحيوان الوحشي الكاسر

«بَلْ هُمْ أَضَلُّ»

، كما يمكنه أن يتسامى بفضل ما زود به من استعدادات ليفوق الملائكة فيبلغ مرتبة لاتتسنى لغيره‌ «فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى‌»، ومن هنا يمكن للملائكة أن تكون قدوة للإنسان.

من جانب آخر فانّ العلم. بحضور الملائكة في أرجاء العالم- بحيث ليس هنالك شبراً في هذا العالم المترامي الأطراف يخلو منها- دلالة مهمّة على فعالية التدبير الإلهي في هذا العالم؛ الأمر الذي لايخفى دوره في المسائل التربوية. وناهيك عما سبق فانّ هذه الصفات تحمل رسالة مهمّة للإنسان وهى عدم الاغترار بالأعمال واستكثارها إذا ما وقف بين يدي ربّه للصلاة أو ناجى ربّه وتضرع إليه، بل إن نهض في جوف الليل وصلى والناس نيام. فيطرد عن نفسه هذه الأفكار الشيطانية، فالذات الإلهية مطلقة غنية ليست بحاجة إلى‌ العبادة، بغض النظر عن كثرة عدد الملائكة التّي تتقلب في طاعة اللَّه ساجدة وراكعة وقائمة. والحق أنّ قدراً من الدقة والتمعن في الصفات التي أوردها أميرالمؤمنين علي عليه السلام بشأن الملائكة لتأخذ بيد الإنسان إلى‌ عالم النور والعرفان وتوقفه على صغر أعماله وطاعاته وتعرفه بسر القرب من اللَّه والفوز برضوانه.

وتكشف النقاب عن عدم عبثية شدة قرب الملائكة من اللَّه، إلى جانب عدم بلوغ الإنسان أهدافه المعنوية الرفيعة المرسومة له دون السعي والجد والاجتهاد والطاعة.

فقد ورد في الحديث عن الإمام الصادق عليه السلام حين سأله أحد أصحابه وهو عبداللَّه بن سنان:

أيّهما أفضل الملائكة أم بني آدم؟ قال عليه السلام أميرالمؤمنين علي عليه السلام:

«إنّ اللَّه ركب في الملائكة عقلًا بلا شهوة، وركب في البهائم شهوة بلا عقل، وركب في بني آدم كلتيهما، فمن غلب عقله شهوته فهو خير من الملائكة ومن غلب شهوته عقله فهو شر من البهائم» [1].


[1] وسائل الشيعة 11/ 164 ح 2.

اسم الکتاب : نفحات الولاية المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 4  صفحة : 80
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست