responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نفحات الولاية المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 4  صفحة : 78

الخلافات التي يفرزها سوء التعامل. وذا لم يحسد بعضهما البعض الآخر لاجتث العامل المهم الآخر من عوامل الخلاف والشقاق. وإن طرحوا عنهم الشكوك في مختلف المسائل وتعاملوا مع ما يواجههم استناداً إلى‌ العلم والمعرفة لحد من نسبة الخلاف. وأخيراً لو أذعن الجميع لاختلاف الأفكار والتوجهات وتشعب الاذواق والآراء لقل حجم التقاطع والانفصال، فقد شاء اللَّه أن يخلق الناس على أنواع واختلاف في الأفكار والتطلعات، ولو هم كل أحد بفرض آرائه على‌ الآخرين، فمن اليقين لتعذر عيش شخصين إلى جانب بعضها دون بروز حالة من التوتر والاضطراب. صحيح أن ليس للملائكة من شهوات كما للإنسان، وأنّ أغلب دوافع الذنب والمعصية ليست متوفرة فيهم. إلّاأنّهم على كل حال قد زودوا بالعقل والشعور والاختيار وحب الذات والقدرة على المعصية والتمرد على الطاعة. إلّاأنّ عرفان الملائكة باللَّه حال دون ارتكابها للذنب؛ وذلك أنّ مقارفتها للذنب والمعصية كلما كانت متعذرة، كانت جديرة بكل هذا المدح والتمجيد وجعلها أسوة للاقتداء بها من قبل الناس. وبناء على هذا فانّ الإنسان إذا بلغ هذه الدرجة من الكمال والمعرفة كان له أن يصون نفسه من التلوث بالذنب. ثم قال عليه السلام: فى ختام الكلام على‌ سبيل نتيجة قصيرة بليغة

«فهم اسراء ايمان لم يفكهم من ربقته زيغ‌ [1] ولا عدول ولا وني‌ [2] ولافتور»

، فالتعبير بالاسراء والربقة (الحبل ذو الحلقات المتعددة) يفيد مدى‌ التزام الملائكة بالإيمان، فقد سبحوا في بحار معرفة اللَّه وسلموا لذاته المطلقة وكأنّهم لفوا أعناقهم بطوق محكم من الإيمان، ولايستطيع أي عامل أن يرفع هذا الطوق من أعناقهم، ولو عاش الناس مثل هذا التسليم للحق والالتزام بالإيمان، لما وسع دوافع الذنب والمعصية أن تتسلل إلى وجودهم قط. ثم اختتم الإمام عليه السلام كلامه بهذا الشأن بالحديث عن مسألة اخرى‌ وهى كثرة الملائكة وسعة معرفتها، حيث يختتم هنا شرحه لصفات الملائكة، بحيث لايوجد، أدنى موضع في السماء إلّاوقد شغل بملك ساجد، وآخر ساع حافد منهمك في أداء مسؤوليته، ومن شأن هذه الطاعة أن تضاعف معرفتهم لربّهم، كما تزداد عزة ربّهم في قلوبهم عظمة:


[1] «زيغ» من مادة «زيغ» على وزن فيض الاعوجاج.

[2] «ونى» من مادة «ونى» بمعنى الضعف كما مر علينا سابقاً.

اسم الکتاب : نفحات الولاية المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 4  صفحة : 78
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست