responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نفحات الولاية المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 4  صفحة : 32

المتبوعين إذ يقولون تاللَّه إن كنا لفى ضلال مبين إذ نسويكم برب العالمين».

فهذه العبارات إشارة واضحة إلى‌ ضلال المجسمة أو المشبهة وشركهم وكفرهم، حيث جعلوا اللَّه جسماً ذا أعضاء ويد ورجل وعين واذن فهووا وافي وادى التشبيه ليروه سبحانه مخلوقاً ضعيفاً وعاجزاً فانياً، حتى عبر عنهم القرآن في الآية الشريفة بأنّهم على ضلال مبين.

والعبارة:

«من شبهك بتباين أعضاء خلقك»

إشارة إلى‌ من له جسم، وجسمه مركب من أعضاء مختلفة. والعبارة:

«تلاحم حقاق مفاصلهم»

إشارة إلى‌ الإرتباط السائد بين الأعضاء وبناء على‌ هذا فانّ أعضاء البدن منفصلة عن بعضها البعض ومنظمة مع بعضها أيضاً، وهذا من حكمة اللَّه في خلقه المخلوقاته، بحيث لولا اشتماله على‌ الأعضاء المختلفة لتحددت أعمالها، كما لو كانت منفصلة تماماً لتعذر تعاضدها وتعاونها في القيام بانشطتها وفعالياتها. كما أنّ البارئ بحكمته ولطفه قد أخفي هذا الإرتباط بين الأعضاء تحت طبقات اللحم ليصونها من مختلف الحوادث الخارجية. ولا يمكن تصور هذا الأمر إلّافي عالم الخليقة، تعالى اللَّه عن ذلك علواً كبيراً، فهو منزه عن الأجزاء والأعضاء ولايحتاج إلى‌ الجسم.

فالإمام عليه السلام يشير إلى‌ أنّ هؤلاء الأفراد الجهال قد إصيبوا بثلاثة انحرافات: الأول: عدم معرفتهم الحقيقية للَّه، الثاني: عدم اعتقادهم بوحدانيته، الثالث: أنّهم لم يسمعوا آيات القرآن ولم ينفتحوا على تعليمات هذا الكتاب السماوى، ومن هنا شهدوا على أنفسهم بأنّهم‌ «فِي ضَلالٍ مُبِينٍ». أمّا يوم القيامة حين ترفع الحجب وتتضح الحقائق سرعان ما يقفون على خطأهم، فيتبرأ التابع من المتبوع ويلعن بعضهم بعضا ولا يملكون سوى‌ الندم والخجل يوم لا ينفع الندم؛ الأمر الذي ورد بشكل صريح في هذه الخطبة.

الجدير بالذكر أنّ الإمام عليه السلام قد نسب كلامه السابق إلى‌ الناس، ثم انتقل هنا إلى‌ اللَّه؛ الأمر الذي ينبه إلى‌ خطورة القضية التي حذر منها لأنّ التأمل في الكلام يتوقف على درجة ومكانة المخاطب فكيف به إذا صدر من المشفق. ثم واصل عليه السلام الحديث عن طائفة اخرى من المنحرفين- أي المشركين والوثنيين الذين يعدون جزء من المشبهة- فقال‌

«كذب العادلون‌ [1] بك، إذ


[1] «عادل» مادة «عدل» على‌ وزن قشر بمعنى المعادل والشبيه والنظير والعادلون بك الذين عدلوا بك غيرك، أي سووه بك وشبهوك به.

اسم الکتاب : نفحات الولاية المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 4  صفحة : 32
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست