responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نفحات الولاية المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 4  صفحة : 143

فمن كان بصيراً في تلك الفتنة (ووقف بوجهها) شمله ذلك البلاء، بينما يسلم منها من كان أعمى‌

«عمت خطتها، [1] وخست بليتها، وأصاب البلاء من أبصر فيها، وأخطأ البلاء من عمي‌

عنها».

طبعاً أنّ آثار الفتنة ستعم بالتالي كافة القوم، ولعل هذا هو المعنى الذي أشارت إليه العبارة

«عمت خطتها»؛

إلّاأنّ شدتها وحدتها إنّما تطيل المجاهدين الاشداء، بينما يكون الجهال من عديمي الشعور بالمسؤولية في أمان من ذلك البلاء ثم تطرق عليه السلام إلى خاصية اخرى من خصائص حكومة بني أمية، ليقسم قائلًا:

«وآيم اللَّه‌ [2] لتجدن بني أمية لكم أرباب سوء

بعدي كالناب‌ [3] الضروس‌ [4] تعذم‌ [5] بفيها، وتخبط [6] بيدها وتزبن‌ [7] برجلها، وتمنع‌

درها [8]».

ياله من تشبيه رائع في الإنسان يتوقع أن يستفيد من لبن ناقته ويركبها ليصل إلى المكان الذي يريد، كما أنّ الإنسان ينتظر من الحكومة أن تساعده وتحل مشاكله وأن تكون سنده في مسيرة الرقي والتقدم الفردي والاجتماعي. أمّا الحكام الظلمة الذين يفتقرون إلى المنطق والرحمة- والذين لايفكرون إلّافي تحقيق منافعهم- ليس فقط لايحلون مشاكل المجتمع فحسب، بل يجعلونه يعيش في خضم هالة من المصاعب والمشاكل ويوجهون له الضربات الماحقة الموجعة وهذه المعاملة الجافة العنيفة، و يالها من نبوءة صحيحة حيث كان عليه السلام يرى ببصيرته كل تلك الأحداث و عظم البلاء الذي صبته هذه الفئة القاسية على المسلمين. حتى لايبقى منكم إلّامن ينفعهم أو لايضرهم:

«لايزالون بكم حتى لايتركوا منكم إلّانافعالهم، أو غير ضائر بهم».


[1] «خطة» من مادة «خط» به معنى‌ وضع العلامة، ولفظ «خطة» يأتي أحياناً بمعنى‌ حالة أو موضوع.

[2] «أيم» يرى‌ بعض الادباء أن أصلها (أيمن) أسقطت نونها، فان قيل وأيم اللَّه تفيد القسم (ومن أراد المزيدفليراجع شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 7/ 54).

[3] «الناب» الناقة المسنة.

[4] «ضروس» الحيوان السئ الخلق يعفى حباله.

[5] «تعذم» من مادة «عذم» من عذم الفرس إذا أكل بحفاء أوعض.

[6] «تخبط» من مادة «خبط» الضرب باليد.

[7] «تزبن» من مادة «زبن» على وزن دفن تضرب.

[8] «درّ» جريان اللبن توفير، كما يطلق على كل خير وبركة.

اسم الکتاب : نفحات الولاية المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 4  صفحة : 143
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست