responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نفحات الولاية المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 4  صفحة : 142

ثم أشار عليه السلام إلى‌ نقطة في الحقيقة هى علة هذا الأمر، وهى أنّ هذه الفتن مجهولة عند الاقبال، معروفة عند الإدبار

«ينكرن مقبلات ويعرفن مدبرات»

، فهذه نقطة اجتماعية سياسية غاية في الأهمية، وهى أنّ أصحاب الفتنة والانحراف إنّما يحاولون تنميق ظاهرهم ليخفون صورتهم الكريهة في إطار الحق ليستقطبوا الناس إليهم، فاذا استتب لهم الأمر كشفوا عن أنيابهم الكريهة حتى يطاح بهم.

ومن هنا فانّ دعاة الحق مطالبون على الدوام بالنظر بمنتهى الحيطة والحذر إلى الأحداث والوقائع خشية الانخداع والاغترار، فحسن الظن والنظرة السطحية في مثل هذه الامور لن تؤدي سوى‌ إلى‌ الضرر والخسران.

ثم أشار عليه السلام إلى‌ نقطة مهمّة وهى أنّ الفتن ليست شاملة، بل هى كالرياح التي تصيب موضعا وتترك آخر:

«يحمن‌ [1] حوم الرياح، يصبن بلداً ويخطئن بلدا».

لأنّ أرضية كافة المدن والامصار ليست واحدة لتحتضن الفتن، بل هناك عدة عوامل متوفرة هنا وليست متوفرة هناك، وبناء على هذا فلا ينبغي الاغترار إذا لم تشاهد بعض آثار الفتن في موضع دون آخر.

ثم يتطرق عليه السلام إلى فتنة بني أمية ليحذر من خطورتها فيقول:

«ألا وإنّ أخوف الفتن عندي عليكم فتنة بني أمية، فانّها فتنة عمياء مظلمة».

فتنة عمياء مظلمة لاتبقى أمامها من قيم ومفاهيم ومثل، وتتجاوز كافة الأشخاص دون الالتفات إلى سوابقهم ومواقفهم، والحق أنّ فتنة بني أمية كانت كذلك! فقد استعادت أعراف الجاهلية حياتها على عهدهم وفي ظل حكومتهم، حيث تمكنت حثالات رجالهم من التسلط على رقاب المسلين وإشغال المواقع الحساسة في الحكومة، فتنحت تلك الشخصيات الصالحة وأقصيت عن الميدان، بينما مورست أبشع أنواع البطش والتعذيب بحق أولئك الذين رفعوا أصواتهم بوجه هذه الحكومة. ثم أشار عليه السلام إلى بعض خصائص هذه الفتنة في أنّ حكومتها عامة شاملة بحيث يخضع الجميع لهذه السلطة الغاشمة، غير أنّ بلائها يختص بطائفة وجماعة؛


[1] «يُحمن» من مادة «حوّم» على وزن قوّم بمعنى‌ الدوران.

اسم الکتاب : نفحات الولاية المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 4  صفحة : 142
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست