لأنّنا نعلم أنّ العداوات لا تحدث بدون سبب، إمّا أن تكون بسبب سوء المعاملة
أو تضييع الحقوق أو التكبر والفخر على الآخرين وأمثال ذلك، فعندما يتمّ قلع هذه
العوامل والأسباب فإنّ العداوات في جو المجتمع تتبدل إلى محبّة ومودة.
وهذه إشارة إلى أنّه لا ينبغي لك الاصرار على التدخل في تفاصيل حياة الناس
وأعمالهم، وعليك بالتغافل مهما أمكنك ذلك، فإنّ التدخل في جزئيات حياة الأفراد
يعيقك عن الاهتمام بالمسائل الكلّية والهامة ويعمق الخلافات والعداوات في فضاء المجتمع.
وفي التوصية الرابعة والخامسة يقول الإمام عليه السلام:
ونعلم أنّ النمام هو الشخص الذي ينقل الأخبار الصحيحة والسقيمة بين الأفراد
ليوقع بينهم الشقاق ويزرع بذور العداوة في صدورهم، وقديماً قالوا:
وَقَد قَطَعَ الواشُون ما كَانَ بَيننا
وَنحنُ إلى أنْ
نُوصِلَ الحَبلَ أحوجُ
رَأوا عَورَةً
فاستَقبلُوها بِألبِهِم
فَلم يَنههُم
حِلمٌ وَلَم يَتَحرَّجُوا
وَكَانُوا اناساً
كُنتُ آمنُ غَيبَهم
فراحُوا على ما
لا نُحبُّ وأدلَجُوا
[1]. «وتر» على وزن «فكر» و «وتر» على
وزن «سطر» كليهما بمعنى الوحيد والمنفرد، وبما أنّ الإنسان عندما يقتل فإنّ
أقرباءه يجدونه وحيداً، ومن الطبيعي أن يضمروا الحقد في قلوبهم، فاستخدمت هذه المفردة
بمعنى اضمار الحقد والعداوة، وهو المراد في الجملة أعلاه.
[2]. «تَغَاب» فعل أمر من مادة
«تغابي» بمعنى تغافل من مادة «غباوة» بمعنى الجهل وعدم العلم، وكأنّ الشخص الذي
يتغافل فكأنّه جاهل بذلك الشيء.