لضمان سعادة جميع الناس، فلو أنّ روح التقوى وحالة الورع تعمقت وتجذرت في
النفس، وتحرك الإنسان بعدها في خط إطاعة الأوامر الإلهيّة واتّباع التعاليم
الواردة في الكتاب والسنّة وتصدى لمواجهة المفاسد الاجتماعيّة والقبائح الأخلاقيّة
ومؤامرات الأعداء بالقلب واليد واللسان وكسر صنم الأهواء النفسانيّة، فمثل هذا
الإنسان هو الإنسان الكامل وهو المخاطب بقول تعالى: «يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ»[1].
وجملة
«فَإِنَّ النَّفْسَ أَمَّارَةٌ
بِالسُّوءِ ..»
اقتباس من قوله تعالى: «وَما
أُبَرِّئُ نَفْسِى إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا ما رَحِمَ
رَبِّي»[2]. (سواءً
كانت هذه الجملة واردة على لسان يوسف عليه السلام أم على لسان زوجة عزيز مصر، وعلى
أية حال فإنّ القرآن قد أمضى هذه المقولة).
ورغم أنّ الكثير من المتقين يخشون من وساوس الشيطان، ولكن هوى النفس والوساوس
الشهوانيّة والنوازع النفسانيّة أخطر من ذلك بكثير، ولعل هذا هو السبب في أنّ
الإمام عليه السلام يلفت نظر مالك الأشتر إلى هذه المسألة أكثر.
وصحيح أنّ المؤمنين المخلصين والأولياء الإلهيين قد تجاوزوا مرحلة النفس
الأمارة إلى النفس اللوامة ومنها إلى النفس المطمئنة، ولكنّ هذا لا يعني أنّ
نفوسهم الأمارة قد ماتت ولا حاجة إلى الحذر من أخطارها ودسائسها.
تأمّل
أخطار النفس الأمارة
من المعلوم أنّ كبار العلماء والمفسّرين، وبالاستلهام من آيات القرآن الكريم،
قالوا بوجود مراحل ثلاث للنفس الإنسانيّة في حركتها المعنويّة في خط التكامل: