responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نفحات الولاية المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 10  صفحة : 176

مُقْلَتِي‌ [1] كَعَيْنِ مَاءٍ، نَضَبَ‌ [2] مَعِينُهَا [3]، مُسْتَفْرِغَةً دُمُوعَهَا».

في المرحلة الاولى يقسم الإمام عليه السلام ليبيّن جديّة هذا الأمر وللتأكيد على أهميّته وفي المرحلة الثانية، يقول إن شاء مراعاة للأدب مع اللَّه تعالى كما أمر القرآن النّبي الأكرم صلى الله عليه و آله بهذا الأمر، تقول الآية الشريفة: «وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْ‌ءٍ إِنِّى فاعِلٌ ذلِكَ غَداً* إِلّا أَنْ يَشاءَ اللَّه» [4].

وفي المرحلة الثالثة: يتحدّث الإمام عليه السلام عن عزمه الراسخ على ترويض نفسه رياضة شديدة وقاسية، وهذا يحكي عن قوّة إرادة الإمام وسلطته العجيبة على نفسه، فما أشق الرياضة التي يفرضها الإنسان على نفسه بحيث تتحمل الجوع الشديد، وبالتالي تفرح فرحاً شديد إذا قدّم لها يوماً قرصاً من الخبز وقليلًا من الملح.

وفي المرحلة الرابعة: يخبرنا الإمام عليه السلام عمّا يعيشه من عشق للَّه‌تعالى وخوف عميق من الذات المقدّسة بحيث إنّه يتواصل في البكاء إلى‌ أن لا تنضب عينه من الدموع‌

«وَلَأَدَعَنَّ مُقْلَتِي كَعَيْنِ مَاءٍ، نَضَبَ مَعِينُهَا مُسْتَفْرِغَةً دُمُوعَهَا»

، ومعلوم أنّ مثل هذه الحالة لا تتوفر عند أي شخص إلّاالنوادر، والإمام عليه السلام نفسه يشير إلى‌ هذه الحقيقة في مقطع آخر من هذه الرسالة، بأنّكم لا تستطيعون أن تفرضوا على أنفسكم مثل هذه الرياضات الشاقة ولكن أعينوني بالورع والتقوى والصلاح في حركة الحياة.

وهنا ربّما يثار هذا السؤال: لماذا كلّ هذا البكاء الذي أشار إليه الإمام عليه السلام في كلامه؟ قطعاً إنّ هذا البكاء هو بكاء الشوق من جهة، وبكاء الخوف من جهة أخرى، الشوق إلى‌ العالم الأعلى والملكوت والقرب من اللَّه تعالى والعشق لصفات الكمال والجمال الإلهي، والخوف من حرمان هذه لنعم والمواهب الإلهيّة.


[1]. «مقلة» يطلق على كرة العين بأجمعها، وأحياناً يراد منها سواد العين فقط.

[2]. «نضب» من مادة «نضوب» في الأصل بمعنى ذهاب الماء في الأرض وجفاف البئر أو الغدير، وهذه المفردة تستعمل أحياناً في مورد العين أيضاً عندما يجف دمعها.

[3]. «معين» من مادة «معن» على وزن «طعن» بمعنى جريات الماء و «ماء معين» يراد منها الماء الجاري، ثمّ استخدمت في جريان الدموع من العيون.

[4]. سورة الكهف، الآيتان 23 و 24.

اسم الکتاب : نفحات الولاية المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 10  صفحة : 176
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست