responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نفحات الولاية المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 131

الشيطانية التي كان ينبغي له مجابهتها بعزمه الراسخ «والعزيمة بوهنه» [1] والعبارة إشارة للآية 115 من سورة طه‌ «وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى‌ آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً». [2] نعم صحيح أنّ الشيطان أقسم لهما بأنّه لا يريد بهما إلّاالنصيحة والخير «وَقاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النّاصِحِينَ» [3] ولكن هل كان على آدم أن يثق بوعد اللَّه القائم على اليقين أم يصغي إلى كلام الشيطان القائم على أساس الشك والوهم؟ لاشك إن نسيان هذه الحقيقة وإغفالها جعلت آدم يقدم على تلك المعاملة التي لا تنطوي سوى على الغبن والضرر فضعف عزيمته في طاعة اللَّه.

وهذا بحد ذاته درس وعبرة لكافة بني آدم في ضرورة الاستناد إلى عوامل اليقين في جميع معاملاتهم واجتناب طرق الشك والغموض والابهام في مراعاة الاحتياط وعدم اقتحام أي ميدان دون دراسة ظروفه وملابساته، وذلك لأنّ الشياطين درجت على تنميق سبلها المفسدة بما يكسبها ظاهراً أنيقا في حين لا تستبطن سوى‌ النار المستعرة التي أوقدها لبني آدم. أجل هنالك الدروس والعبر القيمة في قصة آدم والتي لابدّ للبشرية من وضعها نصب عينها في حياتها حتى قيام الساعة.

ثم تطرق عليه السلام إلى النتائج المريرة التي أفرزتها تلك المعاملة فقال: «واستبدل بالجذل» [4] وجلا [5] وبالاغترار ندما».

وهنا نسأل ماهى الحوادث التي دفعت بآدم للالتفات إلى خطأه وبالتالي حسرته وندمه‌


[1] هناك احتمالان حول رجوع الضمير في «شكه» و «وهنه»، فقد صرّح أغلب شرّاح نهج البلاغة بأنّ الضمير يعود إلى آدم؛ أي أن آدم عليه السلام باع يقينه بشكه وعزمه بوهنه وضعفه. بينما الاحتمال الآخر أن يكون الضمير عائداً إلى إبليس في المفردتين وذلك لأنّه هو الذي أوجد هذا الشك والوهن، ففي الواقع هو اضافة إلى السبب لا مفعول. لكن يبدو الاحتمال الأول أصوب من الثاني.

[2] سورة طه/ 115.

[3] سورة الاعراف/ 21.

[4] «الجذل» على وزن الجدل بمعنى الفرح والسرور كما وردت في صحاح اللغة، وقال صاحب المقاييس أنّ الجذل على وزن الجسم بمعنى جذر الشجرة الذي يقومها ويمنحها الاستقامة، ومن هنا كانت قامة الفرحان مستوية بينما كانت قامة المغموم منحنية، كما تطلق أحياناً على الأرض اللزجة، إلّاأنّها استعملت بمعنى الفرح.

[5] «وجل» على وزن أجل بمعنى الخوف والخشية.

اسم الکتاب : نفحات الولاية المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 131
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست