للغيوم «سحاب» لأنّها تنسحب على صفحة السماء على نطاق واسع [1].
ويرى بعضهم أنّ هذه الكلمة تعني السحب على الأرض [2] وهذا مالا يتّسق والآية موضع بحثنا، ولا مع
بعض مشتقاتها ككلمة السحاب.
واشتقت كلمة «يُسجرون» من المصدر «سَجْر» وهو على وزن (زَجْر) وجاء لها ثلاثة معان في كتاب مقاييس اللغة وهي: المل،
والمزاح، والاذكاء. لكن بعضهم يُرجع هذه الفروع الثلاثة إلى أصل واحد ويقول:
المعنى الأصل لها هو الهيجان والتساقط من شدّة الامتلاء، ولهذا اطلقت كلمة
«مسجور» و «سجير» على النّار المذكاة أو المتّقدة وعلى البحر الطافح الموّاج،
وعلى الصديق الحميم الذي يفيض بالمحبّة والاثارة.
واستناداً إلى ما سبق ذكره، فهم يُغلّون ويُشدّون بالسلاسل أولًا ومن ثم
يدخلون في الماء الحار المحرق ثم في النّار، ومن الواضح أنّ ادخالهم في النّار بعد
الماء الحار سيكون أشدّ ألماً.
وهذا تجسيد لأعمالهم التي كانوا يمارسونها بحق الأبرياء في الدنيا إذ كانوا
يذيقونهم أبشع صنوف العذاب، حيث يصادرون حرّياتهم ويسحبونهم بالسلاسل والأغلال.
نستخلص من مجموع هذه الآيات أنّ عقوبات أهل النّار هي ممّا لا يسع لها الوصف،
ولا يتحملها أشدّ الناس قوّة وجلداً، إنّها عقوبات أشد ما تكون من القسوة
والإيلام.
توضيح
لماذا يكون العذاب الإلهي شديداً إلى هذا الحد؟
إنّ شدّة وتنوّع وطول مدّة هذه العقوبات تثير هذا التساؤل لدى الكثير من
الناس، وهو كيف ينسجم هذا العذاب الأليم مع اللطف الربّاني، هذا من جهة، ومن جهة
اخرى، كيف