responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نفحات القرآن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 6  صفحة : 288

24- تعدّي حدود اللَّه‌

وهذا أيضاً واحد من العناوين العامّة التي وعد القرآن بأنّ جزاءَها النّار: «وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذابٌ مُّهِينٌ». (النساء/ 14)

إنّ المقصود من الحدود الإلهيّة قوانينه وأحكامه وتعاليمه، وإن كان أهل اللغة قد نقلوا ثلاثة معانٍ مختلفة لكلمة «الحد» وهي: المنع، ونهاية كل شي‌ء، والشدّة [1]، ولكن يبدو أنّها تعود بأجمعها إلى‌ معنى‌ «المنع» لأنّ انتهاء الشي‌ء يمنع اختلاطه بغيره كما أنّ حدود البيت والحقل والبلد تمنع اختلاطها مع غيرها من البيوت والحقول والبلدان، وبما أنّ مفهوم المنع يخفي بين طيّاته نوعاً من الشدّة، فقد استخدم أحياناً بمعناها أيضاً.

ولهذا اطلق على‌ الأحكام الإلهيّة اسم‌ «الحدود» التي تعيّن للإنسان «المناطق الممنوعة» التي لا يجوز له دخولها، وهذا هو السبب في تسمية العقوبات الشرعية بالحد لأنّها تحول دون تكرارها.

وعلى‌ أيّة حال فقد وردت عبارة «تلك حدود اللَّه» في عدّة مواضع من القرآن الكريم وكلها جاءت بعد تبيان سلسلة من الأحكام الإلهيّة.

وقد جاءت في الآية التي نحن بصدد بحثها بعد بيانها لأحكام الإرث، وفي الآيتين (229، 230) من سورة البقرة والآية الاولى‌ من سورة الطلاق بعد تبيان قسم من أحكام الطلاق، وجاءت في الآية 187 من سورة البقرة بعد تحريم الجماع خلال الاعتكاف وبعض أحكام الصوم، ووردت في الآية 4 من سورة المجادلة بعد بيان كفّارة الظهار، ويفهم من مجموعها أنّ (حدود اللَّه) كلمة ذات مدلول واسع يشمل كل حكم من هذا القبيل.

فنحن نعلم من جهة أنّ ارتكاب أي‌جرم كان لا يستدعي الخلود في النّار وعلى‌ هذا قد يكون القصد من الآية أعلاه، الأشخاص الذين يتعدّون حدود اللَّه بالطغيان والعناد والتمّرد وانكار آيات اللَّه، أو كل من يتجاهل هذه الحدود وينغمس في المعاصي حتّى‌ يذهب من هذه الدنيا من غير أن يدخل الإيمان قلبه، وإلّا فنحن نعلم أنّ فريقاً من العاصين يشملهم‌


[1] مقاييس اللغة؛ ومفردات الراغب؛ والتحقيق في كلمات القرآن الكريم، مادة (حد).

اسم الکتاب : نفحات القرآن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 6  صفحة : 288
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست