responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نفحات القرآن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 6  صفحة : 211

و يمكننا أن نفهم بشكل إجمالي الفارق بين النعم المادّية والمعنوية واللّذات المنبثقة عن أيٍّ منهما، فنحن نعرف مثلًا أنّ اللذة الناتجة عن لقاء الحبيب الغالي بعد سنوات من الفراق، أو الشعور باللذة من جرّاء اكتشاف قضّية علمية معقدة كُنّا نبحث عنها لسنوات طويلة، والأكثر من كل ذلك النفحات الروحية والانشراح النفسي الذي يغمرنا حين العبادة الخالصة والمناجاة المقرونة بحضور القلب والمحبّة الدافئة، نعرف أنّه لا يمكن مقارنة كل هذا بلذّة الطعام والشراب وسائر اللذات المادّية الاخرى‌.

روى‌ أبو سعيد الخدري حديثاً عن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله قال فيه:

«إنّ اللَّه يقول لأهل الجنّة: ياأهل الجنّة؛ فيقولون لبيك ربّنا وسعديك والخير في يديك، فيقول: هل رضيتم فيقولون وما لنا لا نرضى‌ ياربِّ وقد اعطيتنا ما لم تُعْطِ أحداً من خلقكَ:

فيقول: ألا اعطيكم أفضلَ من ذلك، فيقولون ياربّ وأيُّ شي‌ءِ أفضل من ذلك فيقول: احلُّ عليكم رضواني فلا أَسخطُ عليكم بعده أبداً» [1].

وورد نفس هذا المعنى عن الإمام علي بن الحسين عليه السلام ولكن بتعبير آخر، جاء في آخرهِ: «فيقول تبارك وتعالى‌: رضاي عنكم ومحبّتي لكم خير وأعظم ممّا أنتم فيه» [2].

«رضوان»: يعني الرضا والارتياح بالمعنى‌ المصدري، ومجيئُها هنا على‌ هيئة النكرة يدل على العظمة، أي إنّ رضوان اللَّه الأكبر أهم من كل شي‌ء.

و قيل أيضاً: إن تنكيرها هنا فيه دلالة على‌ القِلّة، أي إنّ أقلَّ رضاً من اللَّه يُعتبر أكبر من جميع النعم المادية المتاحة في الجنّة.

وعلى أيّة حال، فليس في ميسور أحد وصف تلك النفحات الروحية واللذات المعنوية التي ينالها الإنسان بسبب الشعور برضا اللَّه، نعم إنّ أي جانب من هذه اللذة الروحية يفوق جميع النعم والمسرّات الموجودة في الجنّة.

وممّا يسترعي الانتباه أَنَّ الآية (119) من سورة المائدة، وبعد سردها للنعم المادية في‌


[1]. تفسير روح الجنان، ج 6، ص 70؛ تفسير روح المعاني، ج 10، ص 122.

[2]. تفسير العيّاشي، آخر الآية مورد البحث وفقاً لما جاء في تفسير الميزان.

اسم الکتاب : نفحات القرآن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 6  صفحة : 211
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست