إذا تعارض اثنان وردا على شيء من المنافع المشتركة في زمان واحد و توافيا
اليه على حد سواء، فإن أمكن اجتماعهما فيه كدكة في سوق عام يحتملهما، فحق السبق
ثابت لهما.
و ان لم يحتملهما كمكان واحد لمصل واحد ورد اثنان عليه، فهل يبطل حقهما و يجوز
لثالث الورود عليه، أو تجري فيه القرعة؟
الظاهر انه لا مجال لإبطال حقهما لشمول العمومات لكل واحد منهما مع قطع النظر
عن مزاحمة، و حيث ان ملاك السبق في كليهما موجود يكون من قبيل تزاحم الحقين لا
تعارض الدليلين و حيث ان المفروض عدم إمكان الجمع بينهما لا بد من القرعة لأنها
لكل أمر مشتبه، و لا خفاء في شمول أدلتها للمقام.
و قد ذكرنا في مباحث القرعة من هذا الكتاب، ان موارد القرعة مختلفة، فقد يكون
فيها واقع مجهول لا طريق لكشفه إلا القرعة، كما في الغنم الموطوء، و قد لا يكون
فيه واقع مجهول، بل وقع التزاحم بين مقتضيين، و لا طريق الى التخلص إلا بالقرعة،
كما في موارد افراز الأموال المشاعة، و تقسيمها، و كلاهما داخلان تحت أدلة القرعة
و المقام من هذا القبيل.
السادس: موارد جريان القاعدة
و إذ قد عرفت ما ذكرنا فلنرجع إلى جزئيات موارد السبق و أحكامها الخاصة فنقول
و من اللّه التوفيق: ان السبق قد يكون الى المسجد، و اخرى إلى الطريق أو الى
السوق، أو المدارس، و القناطر، و المعادن، و أماكن النزهة، و الميادين لتوقف
السيارات و غيرها أو غير ذلك.