هذه القاعدة كغيره من القواعد الفقهية لما لم يبحث عنه في كلماتهم مستقلا، و
انما تكلموا فيها تبعا و استطرادا في طي المسائل الفقهية بعنوان الاستدلال على
كثير من المسائل، و قد ذكرنا في أول الكتاب ان المشكلة المهمة في القواعد الفقهية
هي هذا المعنى، حيث لا يرى بحث مستقل عنها لا في الفقه و لا في الأصول و لم ينعقد
لها باب إلا في موارد قليلة، فحالها أشبه شيء بحال المشردين الذين لا يأوون دارا
و لا يستقرون قرارا.
و على كل حال، الناظر في أبواب الفقه يرى استدلالهم بهذه القاعدة في موارد
كثيرة بحيث يظهر له منها ان الحكم لا يختص بباب دون باب، بل هي عندهم قاعدة عامة
تشمل الأبواب كلها الا ما خرج بالدليل. و إليك نماذج من كلماتهم (ره).
قال الشيخ قدس سره في الخلاف في كتاب «الزكاة»:
إذا قال رب المال، المال عندي وديعة أو لم يحل عليه الحول قبل منه قوله، و لا
يطالب باليمين، سواء كان خلافا للظاهر أو لم يكن، و قال الشافعي إذا اختلفا فالقول
قول رب المال فيما لا يخالف الظاهر و عليه اليمين استحبابا [1].
و قال أيضا في كتاب العارية:
إذا اختلف صاحب الدابة و الراكب و قال الراكب أعرتنيها، و قال صاحب الدابة
أكريتكها، فإن القول قول الراكب مع يمينه [2].
و قال أيضا: إذا اختلف الزارع و صاحب الأرض، و قال الزارع أعرتنيها، و قال
صاحبها أكريتكها كان القول قول الزارع مع يمينه [3].