النكاح مستحبّ في حدّ نفسه بالإجماع و الكتاب و السنّة [1] المستفيضة، بل
المتواترة، قال اللّه تعالى: «وَ أَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَ الصَّالِحِينَ مِنْ
عِبادِكُمْ وَ إِمائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ
فَضْلِهِ وَ اللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ». و في النبويّ المرويّ بين الفريقين: «النكاح سنّتي فمن
رغب عن سنّتي فليس منّي» و عن الصادق عليه السلام عن أمير المؤمنين عليه السلام
قال: «تزوّجوا فإنّ
[1] مكارم الشيرازي:
المعروف بين أهل اللغة أنّ النكاح بمعنى الوطي، و لكنّ المعروف عند الفقهاء أنّه
هو العقد؛ و الظاهر أنّه ليس شيء من المعنيين معناه الأصلي، بل الأصل فيه أنّه
بمعنى الضمّ و الاختلاط و الامتزاج؛ يقال: تناكحت الأشجار، أي انضمّ بعضها ببعض؛
نكح المطر الأرض، أي اختلط بترابها؛ نكح النعاس عينه، أي غلبها؛ و لعلّه- كما قال
الراغب في مفرداته- لم يكن عند العرب لفظ موضوع للوطي، بل كلّما يستعمل فيه،
كنايات (من باب أدب الكلام)؛ قلت: هو كذلك حتّى أنّ «الوقاع» و «الوطي» و
«المضاجعة» و «اللمس» و «الجماع» و غيرها ممّا يستعمل في هذا المعنى أيضاً من هذا
القبيل؛ هذا، و لكنّ الظاهر أنّه نقل عن معناه الأصلي إلى «العقد» و لذا لا نجد في
كتاب اللّه هذا اللفظ إلّا مستعملًا في هذا المعنى، ما عدا قوله: «حتّى تنكح زوجاً
غيره» بل يمكن أن يقال: إنّه أيضاً مستعمل في معنى العقد، و إنّما يستفاد لزوم
الدخول في المحلّل بالسنّة؛ كما أنّ الأمر في الروايات أيضاً كذلك غالباً، فلا
يستعمل في معنى الوطي إلّا نادراً؛ و يؤيّد ما ذكرنا قول العاقد: أنكحت ...، فإنّ
هذا دليل على أنّه من الألفاظ الصريحة أو الظاهرة في هذا المعنى؛ فتدبّر جيّداً
[2] مكارم الشيرازي: بل و بدليل العقل، لأنّ مصالحها النوعيّة و الشخصيّة من بقاء
النسل و التحفّظ على العفّة و عدم الوقوع في الفساد ممّا لا شكّ فيه و لا شبهة
تعتريه؛ و لذا أمضاها جميع العقلاء