اسم الکتاب : الزهراء عليها السلام سيّد نساء العالمين المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر الجزء : 1 صفحة : 149
و في هذا عبرة لكل الأحرار الهادفين و لكل المضحين و الفدائيين في تاريخ
البشرية.
بلى فقد كانت دائماً- و إلى آخر لحظةٍ من حياتها الشريفة المملوءة بالآلام و
الهموم- شمعةً تحترق لتنير لمن حولها و تنجّي الضالين منهم و تدافع عن الحق و
العدالة.
تحدّثت في خطبة فدك (الخطبة الأولى لسيدة النساء) عن كلٍّ من التوحيد،
النشوء، المعاد، فلسفة الأحكام، و الأحداث التي رافقت بعثة النبي صلى الله عليه و
آله، و بركات وجوده، و مسألة غصب الخلافة، و مصير المسلمين، و إن هي تحدثت عن
«فدك» فذلك لدورها المؤثر في كونها دعامة ماليةً لمسألة الخلافة و كذا سائر مسائل
الإسلام السياسية، و هذا ما دعى الأعداء إلى تضييق الخناق على آل بيت النبي صلى
الله عليه و آله و تحطيم قدراتهم بانتزاع «فدك» من أيديهم، فأرادت إسترجاعها منهم.
لكنَّ سيدة النساء عليها السلام ركزت في خطبتها الثانية «خطبة نساء المهاجرين
و الأنصار» حديثها على محور الخلافة و الإمامة فقط، و بالرغم من معاناتها للكثير
من الظلم و الجور و رغم أن الفرصة كانت سانحةً للمطالبة بحقها المغصوب، إلا أنها
لم تطالب بأي شيءٍ بل و لم تنطق بأية شكوى، فكل ما قالته كان عن عليٍّ عليه
السلام، و عن الخلافة و عن مصالح المسلمين.
يُعدُّ «التسليم المطلق» من المقامات العالية التي يتحلى بها أولياء اللَّه.
و هذا يعني أن يسلك إلى اللَّه طريق الحق و العدل الذي ينسى المرء فيه نفسه،
فلا يرى غير اللَّه.
لا يأتمر إلا بأمره.
اسم الکتاب : الزهراء عليها السلام سيّد نساء العالمين المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر الجزء : 1 صفحة : 149