فراحت قريش تشيع مقولة الوليد في كل مكان عن أنَّ محمداً ساحر ماهر، و أنَّ
الآيات من سحره، و طلبوا من الناس الابتعاد عنه و أنْ لا يستمعوا الى ما يقول.
إلّا أنَّ خطتهم هذه لم تفلح، و راح المتعطشون الى الحقيقة المنتشرون في
الزوايا و الحنايا يفدون على رسول اللَّه صلى الله عليه و آله زرافات و وحداناً،
يرتوون من معين الرسالة الالهية الرائق، و نكص الاعداء على أعقابهم.
و اليوم أيضاً ما يزال القرآن يتحدى العالم بأسره و يدعوهم للمبارزة، قائلًا:
إنْ كنتم ترتابون في صحة نسبة هذه الآيات الى اللَّه، و تعتقدون أنَّها من صنع
أفكار البشر، فأتوا بمثلها، أيّها العلماء و الفلاسفة و الادباء و الكتاب من كلّ
قوم و ملّة!
و ليس خافياً إنَّ أعداء الاسلام و بخاصّة رجال الدين المسيحيين الذين يعتبرون
الاسلام كدين ثوري عميق المحتوى منافساً خطيراً لهم، فينفقون سنوياً ملايين الملايين
من الدّولارات للدعاية ضد الاسلام و في البلدان الاسلامية نفسها تحت واجهات مزيفة
من ثقافية و علمية و صحية، فما أحراهم أنْ يطلبوا من العلماء المسيحيين العرب و
شعرائهم و ادبائهم و فلاسفتهم أنْ ينشئوا آيات كآيات القرآن إن هم استطاعوا الى
ذلك سبيلًا ليسكتوا صوت الاسلام.
و لا شك لو أنَّ شيئاً كهذا كان ضمن قدراتهم لما توانوا في تحقيقه بأي ثمن
كان. غير أن عجزهم في هذا الامر لدليل أسكت الاعداء و برهان ناطق على اعجاز
القرآن.