ه- التلف بسبب استعمال المريض الأدوية الرخيصة؛ لعدم التوصية بالاستعمال من
الأدوية الممتازة ذات الكلفة الباهضة لتجنّب تعرض المريض لضغط مالي.
و- التلف الحاصل بسبب إهمال الممرّض، فإنّ التمريض يكون أحياناً أكثر أهميّة
من العلاج، سيّما بعد إجراء العمليات الجراحية المهمّة مثل عمليات القلب و الكلية.
ز- ما يحل بسبب اجتماع أكثر من مرض في المريض. و قد تستدعي معالجة أحدهما
الإضرار بالآخر، ممّا يقتضي التوسّل بطرق و أساليب تفيد الأوّل و لا تضرّ بالثاني.
و كذا ما يحدث بسبب عدم توصية المريض بما لا بدّ له من الامتناع عنه و اجتنابه و
أشباه ذلك.
بعد هذه المقدّمة لا بدّ لنا من تنقيح أصل مسألة ضمان الطبيب و عدمه بنحو كلّي
و بيان قواعدها و أصولها لترجع الفروع المتعلّقة بها إلى تلك الأصول.
فنقول: قد ذكر الفقهاء هذه المسألة في كتابي الديات و الإجارة لمناسبتها
للمقامين، فعن المحقّق في الشرائع أنّه قال: «الطبيب يضمن ما يتلف بعلاجه إن كان
قاصراً أو عالج طفلًا أو مجنوناً لا بإذن الولي أو بالغاً لم يأذن. و لو كان
الطبيب عارفاً و أذن له المريض في العلاج فآل إلى التلف، قيل: لا يضمن لأنّ الضمان
يسقط بالإذن، لأنّه فعل سائغ شرعاً، و قيل: يضمن لمباشرته الإتلاف، و هو أشبه». [1] ثمّ تعرّض
لمسألة الإبراء التي ستأتي الإشارة إليها إن شاء الله تعالى.
و يظهر من كلماتهم أنّ القول الثاني هو المشهور بينهم، بل يظهر من المصنّف في
النكت اتّفاق الأصحاب عليه، و عن الغنية دعوى الإجماع على الضمان، و القول الأوّل
محكيّ عن ابن إدريس و هو شاذّ.