آخر يختاره
الحاجّ، إلّا أنّ هذا إنّما يصحّ القول به لو لم يتوفّر دليل على ثبوت بدل اضطراري
بمنى، و الدليل على ذلك موجود، و هو موثّق سماعة في قوله
قلت لأبي
عبد الله (عليه السلام): إذا كثر الناس بمنى و ضاقت عليهم كيف يصنعون؟ فقال:
«يرتفعون إلى وادي محسّر»
[1] فإنّ المتفاهم العرفي من هذه
المعتبرة قيام وادي محسّر مقام منى عند كثرة الحجّاج و ضيق منى عن استيعابهم في
جميع ما هو وظيفة الحاجّ فيها حتّى بالنسبة إلى ذبح الأضحية.
قلنا: هذا
الاستدلال ضعيف جدّاً؛ لأنّ ظاهر الرواية أنّها واردة في مورد الوقوف في منى لا
مطلق ما يؤتى به في منى، و حينئذ قياس الأضحية على الوقوف قياس مع الفارق، فإنّ
الوقوف قائم بمنى نفسها، فإنّه لا معنى للوقوف في غيره، فعند التعذّر يرتفع الحاجّ
بمقتضى هذه الرواية إلى وادي محسّر، و أمّا الأضحية فقد عرفت أنّه قد تتّفق في غير
منى أيضاً، فقياسها على الوقوف قياس مع الفارق، و هو غير جائز عندنا.
نعم لو دلّ
نصّ خاص على إمكان إيقاع الهدي في محلّ قريب من منى (كوادي محسّر) عند التعذّر
لقلنا به، و حيث لم يرد نصّ كذلك، و القياس و الاستحسان ممنوعان عندنا، فمقتضى
الصناعة سقوط الهدي من رأس، أو إتيان الهدي في أيّ مكان، نعم: لا ريب في أنّ
الأولى رعاية الأقرب فالأقرب، و لكن هذا إذا أمكن إيقاع الهدي مع شرائطه الواجبة
الّتي منها إشباع المساكين و إطعامهم، لا ما إذا كان هذا الأمر متعذّراً في وادي
محسّر أيضاً.
[1] الوسائل: الباب 11 من أبواب إحرام الحج و
الوقوف، ح 4.