و من الواضح أنّ كلّ حكم يدور مدار موضوعه، و نسبته إليه تشبه نسبة المعلول
إلى علّته أو المعروض إلى عرضه. و إنّما قلت: تشبه، و لم أقل إنّه هو هو؛ لعدم
جريان هذه العناوين- أعني العلّية و العروض- في الأمور الاعتبارية.
و على كلّ حال، لازم ذلك أنّه إذا تغيّر الموضوع تغيّر الحكم بتبعه، و من
الواضح أنّه قد يكون للزمان و المكان دخل في تبدّل الموضوعات الخارجية.
و مثاله المعروف في كتاب البيع: أنّ مالية المال- الذي هو قوام صحّة بيعه و
شرائه- تتغيّر بتغيّر الزمان و المكان، فالماء على الشاطئ لا مالية له أحياناً، و
في المفازة له مالية كبيرة (هذا من ناحية المكان)، و الثلج في الشتاء لا مالية له،
و لكنه في الصيف له مالية كبيرة عادة (هذا من جهة الزمان)، و هكذا في غيرهما ممّا
يشبههما من الأمثلة.
و ليعلم أيضاً أنّ الحكم يؤخذ من الشارع المقدّس، و الموضوعات العرفية تؤخذ من
أهل العرف. نعم، الموضوعات المخترعة من قِبل الشارع مثل الصلاة و الصوم و سائر
العبادات إنّما تؤخذ من الشارع فقط.
و من الواضح أنّه قد تتبدّل الموضوعات في نظر العرف من جهات متعدّدة، فيكون
الحكم تابعاً له و دائراً مداره؛ و لذا يقال: بخار النجس و دخانه ليس نجساً، و
الكلب إذا وقع في المملحة و خرج عن عنوان الكلب و صدق عليه عنوان الملح كان
طاهراً، حتّى إنّه لو شك في بقاء النجاسة لم يصح إجراء الاستصحاب؛ للشك في بقاء
الموضوع و تغيّره حتّى على القول بجريان الاستصحاب في الأحكام الشرعية.
ثمّ اعلم أنّ تغيّر الموضوع على أنحاء ثلاثة: فتارة: تنقلب ماهيته العرفية و
تستحيل إلى غيرها، كاستحالة الكلب ملحاً و الفحم دخاناً، فإنّ الملح عنوان مباين و
مغاير لعنوان الكلب في أنظار العرف، فتغيّر